تهدف منظمة التجارة العالمية إلى جمع الدول في شبه منتدى أو نادٍ يتباحث الأعضاء فيه في شتى الأمور التجارية ويتفاوضون ضمن جولات متعددة الأطراف ضمن حصة تؤمن احتياجات اللجان الفرعية الدورية في المنظمة فرصة اللقاءات الدائمة بين شؤون منظمة التجارة، ومن جهة ثانية فإن منظمة التجارة العالمية تجمع الدول الأعضاء في جولات محادثات منظمة بشأن علاقاتهم التجارية المستقبلية. وقد ورثت منظمة التجارة العالمية فكر المفاوضات الدورية متعددة الأطراف عن سلفها أبحاث، وتهدف كذلك إلى تحقيق مستوى أعلى من التحرير ودخول الأسواق في القطاعات المعنية. ولا يحسب أحد أن هذه المفاوضات أمر هين أو أنها نزهة ممتعة، فقد استغرقت جولة أورغوي نحو تسع سنوات من المفاوضات والأخذ والرد، والمساومة حول أدق التفاصيل مما حدا بالبعض إلى أن بعد كلمة أبحاث (GATT) على سبيل التفكه الاتفاقية العامة لكلام في كلام، في إشارة إلى صعوبة عملية التفاوض وإلى الجهد والوقت الذي يبذل للتوصل إلى حلول وسط. إن الدول توازن وتقارن بين المنافع التي تعود عليها من الانضمام للمنظمة أو الاتفاقيات المعقودة في إطارها وبين الالتزامات التي يفرضها عليها مثل هذا الانضمام.. وطبيعي أن يكون هنالك وجهان للمسألة حقوق والالتزامات والنظر لهذين الوجهين بعين محايدة لا يتأتى من دون حوار جاد وصريح ومتحد يتم من خلاله قيادة الرأي والفكر بعمق وروية في منهج علمي يستهدف المقارنة بين المصالح من جهة وبين الأضرار من جهة أخرى للوصول إلى نتائج صحيحة. وقد تم الاتفاق على أهمية عقد ندوات يكون بعضها في مقر المنظمة يحضرها أكاديميون وصحافيون ومجموعة من ذوي الفكر والرأي ورجال أعمال من مختلف الدول لمناقشة دور هذه المنظمة وما يرتبط به من ظواهر جديدة في عالم اليوم ومعرفة كل ما يثار في أمور ومخاوف في هذا الشأن.. وذلك بعد تسليط المزيد من الضوء عليها وإزالة ما قد يكتنفها من غموض أو شكوك وكذلك تمحيص كافة الجوانب والاعتبارات المحيطة بالموضوع برمته.. ذلك أن العالم الذي تعيش فيه اليوم بإيقاعه السريع يتزايد تشابكاً وتعضيداً وتسعى الأطراف كلها حرصاً إلى تعظيم مكاسبها والإفادة إلى أقصى درجة ممكنة من الفرص المتاحة. ونصت الفقرتان الأولى والثانية من المادة الثالثة من اتفاقية منظمة التجارة العالمية على وجوب أن توفر المنظمة المحافل للتفاوض فيما بين أعضائها بشأن علاقاتها التجارية متعددة الأطراف في المسائل التي تنتاولها الاتفاقيات المعقودة بين الدول قبل قيام المنظمة وتنظيم المفاوضات بين الدول بخصوص العلاقات التجارية بينها وتنفيذ ما تتوصل إليه المفاوضات. - التفاوض بين الدول الأعضاء حول الاتفاقيات المعقودة منذ عام 1947م حتى قيام المنظمة. - تنظيم المفاوضات بين الدول الأعضاء حول الاتفاقيات الدولية المتعددة الأطراف في المسائل التي تتناولها الاتفاقيات. - التفاوض بين الدول خارج حدود الاتفاقيات الدولية السابقة وخاصة في المسائل الجديدة التي تهم الدول الأعضاء في علاقتها التجارية الدولية. - تنفيذ ما تتوصل إليه المفاوضات السابقة على النحو الذي يقرره المؤتمر الوزاري. - التفاوض بين المنظمة والدول الراغبة بالانضمام إليها من أجل تحديد الشروط والإجراءات التي تفرض على تلك الدول ومراجعة قوانينها ووضعها الاقتصادي والقانوني وقدرتها على تحمل الإلتزامات من أجل قبولها بالمنظمة. وبما أن منظمة التجارة العالمية تسعى لتنظيم التجارة العالمية.. فإن لها العديد من المزايا والفوائد تتلخص في الآتي:1/ دعم السلام العالمي وتعزيزه. 2/ معالجة المنازعات بطريقة بناءة. 3/ إرساء الأسس والقواعد لجعل الحياة أيسر للجميع. 4/ زيادة التجارة الحرة. 5/ تحفيز النحو الاقتصادي. 6/ حماية الحكومات من وجود التحزب والتجمعات المعادية. 7/ يساعد نظام التجارة الحرة على وجود حكومات قوية. 8/ توسع نظام التجارة الأكثر تحرراً من نطاق الخيارات في المنتجات ونوعياتها. هذه المميزات لا يمكن أن تتحقق إن لم يكن للمنظمة مكان للقاءات وتبادل الآراء بشكل سليم وعملي وليس منبراً لإلقاء الخطب والكلمات كما هو الحال في الأممالمتحدة.. بمعنى أن منظمة التجارة العالمية تعمل على إيجاد حلول عملية لمشاكل قائمة وأن استمرار هذه المشاكل يؤثر في العلاقات التجارية وبين الدول مما يستدعي التفاوض بين الأعضاء بشكل منطقي وعلمي.. على الرغم أن اتفاقية منظمة التجارة العالمية أخذت بمبدأ المساومة بين الدول ولم تعطَ لدولة أو لمجموعة دول امتيازات على حساب الدول الأخرى، إلا أن المفاوضات الحقيقية تجري بين الدول الصناعية الكبرى التي تقرر مسير الاقتصاد الدولي بما يحقق مصالحها وليس للدول النامية والأقل نمواً إلا الموافقة على ما تقرره تلك الدول والسبب في ذلك أن دور الدول النامية في التجارة العالمية غير مؤثر مثل دور الدول الصناعية الكبرى.