أطلقت منظمة الصحة العالمية مبادرة من أجل إزالة الزئبق من جميع استخداماته بحلول عام 2020. أسعار معقولة، وأكثر أمناً، ويأتي إطلاق المبادرة في أعقاب مصادقة 140 دولة على اتفاقية (ميناماتا) للحد من استخدام الزئبق بحلول عام 2020، ويلقى الزئبق ومركباته المختلفة الاهتمام العالمي نظراً لآثاره الخطيرة على الصحة العامة بما في ذلك تلف الدماغ والجهاز العصبي وخاصة بين الشباب، والإضرار بالكلى والجهاز الهضمي، و بما أن التعدين الأهلي في السودان يعتبر من أكبر المجالات التي يتم فيها استخدام الزئبق وفي نطاق واسع، انعكست آثاره السلبية على الإنسان والبيئة معاً، وبما أن السودان أحد الدول المصادقة على اتفاقية (ميناماتا)، بذلت وزارة المعادن بالبلاد جهوداً مقدرة في الفترة الماضية للحد من آثار استخدامه في حقول التعدين الأهلي. اختيار التدرج دون غيره أكد وزير المعادن أحمد صادق الكاروري مقدرة الوزارة على تنفيذ قرارات من شأنها حظر استخدام الزئبق في مناطق التعدين، كاشفاً عن وجود (59) شركة تعمل في مجال معالجة مخلفات الزئبق وآثاره من البيئة، ولكنه عاد ليختار الإيقاف التدريجي لاستخدامه، معللاً ذلك بأن هذا القرار سيكون له تبعاته وآثاره السالبة على الاقتصاد القومي وعلى المواطنين، وأبان أن حظره سيعمل على إيقاف الإنتاج من الذهب، بجانب أن ذلك سيشرد مليون معدِّن أهلي وإغلاق باب قوتهم، معلناً التزام الوزارة ببنود اتفاقية ميناماتا وأن عام 2020 ستكون مناطق التعدين خالية من استخدام الزئبق، وقال الكاروري في ورشة إزالة آثار الزئبق بمناطق التعدين بالتعاون مع وزارة البيئة والتعدين الروسية، إن الوزارة والوفد الروسي سيسجلان زيارات ميدانية لبعض مناطق التعدين بالبلاد، مشيراً إلى أن الشركات الروسية صاحبة النصيب الأكبر في عائدات التعدين وأن شركة أرياب تراجعت من المركز الأول الذي كانت تحتله في الماضي. الاستعانة بذوي الخبرات بما أن هناك تعاوناً بين السودان وروسيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، وخاصة بعد موقفها الشجاع أمام القرارات التي كانت تقضي بحظر الذهب السوداني من قبل مجلس الأمن، إلا أن المصالح الروسية كانت حافزاً مهماً لمجابهة هذا القرار، ومن البديهي أن تبدي كامل استعدادها للوقوف بجانب البلاد في التزاماتها أمام المجتمع الدولي، وهذا ما أكده رئيس اللجنة الفنية الروسية إنعاموف نورالدين خلال مخاطبته الورشة أمس، متفقاً مع الكاروري باتخاذ خطوات تدريجية في ذلك، بجانب الاستعانة بتجربة اليونيدو والعمل على إيجاد بدائل آمنة للتعدين، مشيراً في حديثه إلى شركة لوميكس التي وصفها بالخبرة الواسعة في هذا المجال وعملها بأساليب أكثر تقنية وتطوراً. ونوه إنعاموف إلى دور حكومة البلاد بتوجيهات من نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن من خلال عقد اجتماعات ومذكرات تفاهم تحوي تفاهمات بين البلدين، ولفت إلى أن مخرجات هذه الجهود ستكون بداية عمل جاد في المحافظة على البيئة. السيانيد بديل الزئبق اعتبرت الشركة السودانية للموارد المعدنية أن استخدام السيانيد في عمليات التعدين سواء الأهلي أو عن طريق شركات هو البديل الأكثر أمناً وهو الخيار المتاح في الوقت الحالي، وقال مدير عام الشركة هشام توفيق إن السيانيد أيضاً مادة خطرة ولكنه بعكس الزئبق الذي يحتاج إلى جهد وتكلفة لإبعاد آثاره، وأما بالنسبة للسيانيد فإنه بمجرد تعرضه لأشعة الشمس أو درجات الحرارة يتحلل إلى عناصره الأولية، وشدد على اتخاذ إجراءات جادة في استخدام بدائل أخرى وإن كانت تعمل على استخلاص كميات أقل من الذهب، لافتاً إلى أن قضية إزالة المخلفات عملية تخدم البيئة والمواطن والمعدن في المقام الأول، ولا تعود على البلاد بأي أرباح أو فوائد مالية، بل على العكس تحتاج إلى موارد مالية ضخمة قد لا تستطيع نوافذ التمويل المحلية تحملها، وقال إن الحل يكمن في الاستعانة بالمنظمات الدولية لدعم هذا المشروع الضخم.وفي سياق آخر نوه توفيق إلى الدور الخدمي الذي تلعبه الشركات الأجنبية المعدنة في مناطق التعدين الأقل نمواً، ومثل لها بما قامت به شركة (كوش) الروسية والتي تعتبر أكبر الشركات العاملة في تعدين الذهب بالبلاد، والتي قامت بتوصيل شبكات مياه بمنطقة هيا الواقعة بشرق البلاد.