بعيدون نحن عن الله ...هذه حقيقة لاجدال فيها ، جلنا مسلمون وأكثرنا يقول : إنه يؤمن بالله الخالق العظيم ، ولكننا نقول بأفواهنا ماليس في قلوبنا. كثيرون منا يعيشون ضائقة مالية ، وظروف حياتية صعبة، ولكنهم يسعون لحلها عند البشر ، يهرعون وراء الأغنياء ، والوزراء والمسؤولين يهرقون ماء الوجوه ولايجدون شيئا، ولو كان هذه الجري والتعب لله لحلت مشاكلهم. وآخرون يعيشون أوضاعا صحية صعبة، فيهرعون إلى الأطباء ، وبعضعهم حفيت أقدامهم من الجري وراء الشيوخ أو الدجالين. وبعضنا له مشاكل زوجية أو أسرية ، وقد تصرمت أحذيتهم في الحركة بين هذا وذاك ليحل لهم مشاكلهم. ومعظم أهل السودان يعانون الأمرين في هذه الأيام المباركات، غلاء فاحش وفجور في الأسعار ، انقطاع المياه عن كثير من المساكن ، شيوخ ونساء في الأحياء يحملون الجرادل بحثا عن قليل ماء في شهر كل شيء فيه قوامه الماء والماء لابديل عنه فقد قال رب العزة ( وجعلنا من الماء كل شيء حي) صدق الله العظيم. هؤلاء وأولئك ينسون ركنا أساسيا من الإيمان بالله الخالق هو أنه الرازق ، المدبر مقلب الأبصار ، فلا يلجأون إليه وهو صاحب الأمر ، ولا أعلم هل هو عن جهل أم قلة إيمان. الآن وقد حل علينا ضيف كبير ، هو رمضان شهر التوبة والغفران ،شهر البركات والدعوات المستجابة، ولَمَّا كانت الذنوب إحدى أسباب تأخير إجابة الدعاء ، كان لِزَامًا على الداعي أن يُنظِّف " طُرُق الإجابة مِن أوساخ المعاصي" . ولَمّا كان الصيام مِن أسباب مغفرة الذنوب ، كان للصائم دعوة لا تُرَدّ : ففي الصحيحين مِن حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ . فالصيام مِن أسباب تنظيف طُرُق الإجابة . وفي الحديث : ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم - وذَكَر منهم - : الصائم حَتَّى يُفْطِر . رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه. وهذا يعني أن الصيام مِن أسباب إجابة الدعاء . وفي رواية للترمذي وابن حبان : ثلاثة لا تُرَدّ دَعوتهم - وذَكَر منهم - : الصائم حِينَ يُفْطِر . وفي حديث عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ لِلصَّائِمِ عِنْدَ فِطْرِهِ لَدَعْوَةً مَا تُرَدُّ . رواه ابن ماجه . ولكن فليسأل كل منا نفسه ، هل نحن مستفيدون من هذه الدعوات ، وهل كلنا مغتنمون للرحمة المهداة ، فوالله الذي لا إله إلا هو ماظلت المصائب على رؤوسنا إلا جزاء نسيان الناس أن الله وحده مسير الكون ومغير الأحوال ، وكل ذلك ناجم عن بعدنا عن الله سبحان وتعالى عند المصائب ، وعدم لجوءنا إليه ، فلو لجأنا إليه ، لزالت الكرب ، وغاب الظلم ، وعاد الحق السليب ، وانتفت أسباب المصائب والغلاء واختفى أهل الطمع والمتحكمون في رقاب الخلق ظلما وعدوانا وإفكا. اللهم أنت القائل وقولك الحق : (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ). فها نحن ندعوك كما أمرتنا فستجب لنا كما وعدتنا ، اللهم لاتدع لنا في شهرك الكريم هذا ذنبا إلا غفرته، اللهم أبعد عنا الظلمة والظالمين ، اللهم من كان يريد بأهل السودان خيرا فاجرِ الخير على يديه ومن كانت أفعاله شرا لهم وتزيدهم ضنكا ومشقة ولاهم له إلا اكتناز الدولارات ، اللهم فاشقق عليه واجعل نهايته في هذه الأيام المباركات، اللهم انزع الملك من الظالمين في كل بلاد المسلمين وولِ من يخافك ويصلح حالهم ويرحمنا ... يارحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ...اللهم آمين.