حين أطلت في أول حديث تلفزيوني لما جاءت لنجوم الغد ، لفت انتباهي الحديث المرتب لصبية غضة في مقتبل عمرها، فقد ارتجلت شعرا : نجوم الغد بتعني لي حلم جميل أنا شايلاه في جواي لي سنين بتمنى السنين في لهفة واترقب وعاد ياربي بمشي متين أغني وأطرب الجمهور ويصفقوا لي مبتهجين واحيهم وأطلع خشبة المسرح واتصعد مع الفائزين والمع وأصبح نجمة زي نجوم لامعين وقد كانت فهي كانت كمن وضعت لنفسها خارطة طريق ، وحددت هدفا لها في الحياة، وصلت إليه بسرعة البرق في سنوات معدودات. مكارم بشير وجه أطل من جبل أولياء جنوبالخرطوم، ولم تكن استثناءً للقامات الإبداعية التي أطلت من هناك ، فلقد سبقها بسنوات المبدع الموهوب الهادي الجبل ، وكثيرون لم يعرفهم الإعلام ولم يعرفوا طريقه. مكارم صوت قوي وجميل ، ينساب كما النيل جمالاً وروعة، جاءت لخيمة الصحيفين الأسبوع الماضي ، فجلست أستمع لها بانتباه، فطافت بنا هذه اليافعة سنا الكبيرة موهبة وابداعا ، وتجلت في اغنيات سيد خليفة ، وشرحبيل أحمد، ولقد حلقت فوق للأفلاك وهي تتغني برائعة جماع (غيرة) أعلى الجمال تغار منا ..ماذا عليك إذا نظرنا وبما أنني دارس للموسيقى ومارست الغناء قبل أكثر من عشرين عاما، فيمكن لأذني أن تحدد من الصالح والطالح مين، وشهادتي للتأريخ ، هذه المكارم بشير ، صوت متفرد وإحساس بالفن عميق...وقدرة عالية على التطريب، مع تواضع جم ، وتعامل مع مهذب ، كل هذا يجعل منها نجمة السودان القادمة بسرعة الصاروخ ، لوجدت من يقف إلى جانبها من شعراء ك (إسحق الحلنقي وعبدالرحمن مكاوي وسيف الدسوقي رد الله غربته) ولو وجدت ملحنين عمالقة ك( عمر الشاعر شفاه الله وصلاح بن البادية أو السني الضوي عافاه الله) مكارم أرى فيها أم كلثوم السودان وكوكب الشرق القادم ، فالأداء الراقي والإحساس السامي بما تقدم والتطريب العالي كل هذا يشبه لحد كبير أداء كوكب الشوق أم كلثوم التي عجزت مصر والأمة العربية قاطبة أن تنجب مثلها. لا أعلم ماهي خطتها القادمة بعد أن وصلت لقلوب الناس، فالآن هي في منطقة فاصلة بين ما وصلت إليه باغنيات الغير ، وبين أن تتحكر على القمة بأعمالها الخاصة ، وقد سبقتها الرائعة ( منار صديق) صاحب اجمل الأصوات والأداء في السنوات الماضية ، ودخلت للمجد بأغنياتها الخاصة وخاصة رائعة اسحق الحلنقي ..وألحان صلاح إدريس (وديني لبلدي) فالحلنقي الذي كتب أكثر من مائتين وخمسين أغنية كلها من روائع الفن السوداني ، وكلها دخلت قلوب السودانيين بداية بت( الأبيض ضميرك) للطيب عبالله ومرورابأغنيات كسلا: (حبيت عشان كسلا ...والطير الخداري ... وأسأل العنبة الرامية فوق بيتنا) ..مرور بروائع إبراهيم حسين ...(في ساعة الغروب ونجمة نجمة الليل نعدو) وأجمل ماغنت البلابل منذ البدايات لون المنقا الشايلة المنقا ، وحمد الريح من حمام الوادي وصالح الضي عيش معاي الحب وروائع الموسيقار محمد الأمين التي لو لم يكتب بتتعلم من الايام لكفته وحتى روائع الغناء السوداني التي وهبها وردي ألحانا تدوم لآخر الزمان، هذا الحلنقي الذي وهبه الله ملكة الشعر الجميل الراقي ، لم تزل كنانته مليئة بالجميل ، ومانضب معين الجمال فيه ، ولازالت روائع الحروف تنظرملامسة قصائدة ، رجل بكل هذه الروعة لو تبنى رائعة الصوت وراسخة الأقدام الفنية مكارم بشير حتما سيعود للوطن روعة اللحن الشجي وجمال الأغنيات التي تنساب للوجدان مثلما انسابت عصافير الخريف غايب السنين الليله مالو غنا العصافير غلبو طراهو زولا كان ولوف كم رضَا خاطرو وطيبو سمَع قليبو كلام حنين هدهد مشاعرو ودوبو الناس سعيدهم فى الحياة لا ضاق فراق لا جربو وانا حالى فى بعد الوطن دفَعنى ضي العين تمن فهلا تسمعني مكارم وهلا يسمعني الرائع حلنقي أملي: أن تجتهد مكارم لتحدد ملامح مستقبلها الخاص مستصحبة تجربة العزيز ..الطيب مدثر ذلك المبدع الذي كان يدهشنا بترديد أغنيات العطبراوي ..ولكنه اختط لنفسه طريقا رائعا رغم صعوبته ...فكانت الصورة التي غطت على صور كثيرة....ألا هل بلغت اللهم فاشهد