ونحن نهم بدخول أحد مساجد مدينة بحري لفت انتباهنا وجود شرطي مكثف.. فظننا وليس كل الظن إثم أن هنالك مسؤولاً رفيعاً جاري تأمينه من قبل الشرطة. لكن خاب ظننا عندما سألهم مرافقي وأجابوا أنهم يقومون بتأمين المساجد خلال العشرة الأخيرة من شهر رمضان الكريم. والمراقب للشأن الأمنى يقر بوجود تحسن ملموس في أمر مكافحة الجريمة، وأمر القبض على المتهمين في فترات وجيزة وشاهدي في ذلك عملية سرقة الذهب من سوق أم درمان، والتي تعتبر من أكبر جرائم السرقة، والتي وصلت فيها الشرطة الى الجاني في وقت قصير، ودوننا كشف براثن جريمة اغتصاب وقتل الطفلة ذات العامين، التي تم القبض على الجاني وتوجيه الأتهام له وصدر ضده حكم بالإعدام الأسبوع الماضي. أغلب هذه المنظومة الشرطية تكاد تكون محل إشادة من المواطنين، ما عدا شرطة المرور التي تحتاج الى وقفة، وقد طالعتنا صحف الأمس بتصريحات مرور ولاية الجزيرة عن وجود إحصائيات بأن 1700 شخص يلقون مصرعهم جراء الحوادث المرورية في أنحاء البلاد، وهذا رقم كبير يحتاج الى أن يبحث المسؤولون في المرور عن سبب ارتفاعه لهذا الحد.. الحد الذي جعل الناس يطلقون على طريق الخرطوم- مدني (طريق الموت).. الأمر الآخر تحول أسلوب الضبط المروري من العمل على انسياب المرور الى أسلوب الحملات المرورية والتسويات المالية الفورية، رغماً عن الإعلان منذ 2010 م عن كاميرات مراقبة تقوم برصد المخالفات وعن جزاءات تتمثل في نقاط تسحب من رخصة السير، وللأسف لم يرَ هذا المشروع النور حتى يوم الناس هذا، دون أن يعرف الرأي العام أسباب عدم تنفيذ هذا المشروع الذي أذكر أنه كان يحوي تحكماً الكترونياً لإشارات المرور حسب ازدحام الطرق، مما يقلل من ازدحام الشوارع والوقوف فترات غير عادلة زمنياً، الشيء الذي ينعكس على صرف الوقود انخفاضاً وعلى البيئة وثقب الأوزون تقليلاً للكربون المنبعث. إذا رأت إدارة المرور أن وسيلة الحملات والتسويات الفورية هي الأنجع لهم عليهم مع الاستمرار فيها أن يولوا الاهتمام لانسيابية الطرق، وذلك عبر منع الوقف الخاطئ والوقوف المزدوج في الشوارع الرئيسية وفي وسط العاصمة. الأمر الذي يعيق مرور السيارات في أوقات كبيرة، وهنا حق لنا أن نتساءل عن آلية سحب السيارات المخالفة التي تعيق الطريق، لماذا لا تكون منتشرة تغطى العاصمة، وتعمل على فتح الطرق مع مراعاة عدم تسبيب أضرار للسيارة المخالفة المسحوبة، أو استخدام طريقة الطوق الحديدي الذي يربط على اطار السيارة، ولا شك أن هنالك الكثير من الطرق التي تعالج مشاكل المرور، بدلاً عن التركيز على الحملات والتحصيل المالي الأمر الذي يجعل المرور أشبه بالذي يعمل على جباية الأموال بدلاً من العمل على أن تكون الطرق سالكة ومنسابة .