الأحد الثالث :- الآحد الثالث من الخمسين المقدسة، لقد كان الأحد الأول هو أحد توما الذي شك في السيد المسيح، ولم يتركه المسيح الطوباوي فريسة للشك فظهر له في اليوم الثامن لقيامته وبدد شكوكه، وأعطاه فرصة أن يضع اصبعه مكان المسامير، و قال له لا تكن غير مؤمنٍ بل مؤمناً، والايمان هو زادنا في رحلة الحياة و بدون الإيمان لا يمكن إرضاء الله ، وإذا كان الفيلسوف ديكارت قال أنا أشك اذن أنا موجود، فإن أبسط مؤمن يهتف أنا أؤمن إذن أنا موجود، وكان الأحد الثاني عن خبز الحياة الذي هو يسوع ذاته، ومن يأكل خبز الحياة يحيا الى الأبد ، وإذا كان المن هو الخبز النازل من السماء فإن من اكلوه ماتوا و فاتوا من الدنيا فإن خبز الحياة هو حياة أبدية، و اليوم هو الأحد الثالث وحديث السيد المسيح عن ماء الحياة، فالماء الذي في ايدينا من يشرب منه يعطش، أما الماء الذي يعطيه يسوع فمن يشرب منه يحيا الى الأبد، لم تفهم المرأة السامرية معنى الكلام وأرادت أن تعقد صفقة تجارية تريحها من عناء الحصول على ماء وشقاء حمله على رأسها حيث يبلل ملابسها، ولكن السامرية فهمت أن من يتحدث معها ليس شخصاً عادياً إنما هو واهب ماء الحياة، فلقد شربت الماء العادي و لم ترتوِ، وكان لها خمسة ازواج و السادس معها ولكن ليس زوجها، لقد تحولت المرأة السامرية إلى مبشر روحي بالمسيح الحي وبالماء الحي و بالخبز الحي أيضاً، لأن يسوع هنا جاع ولم يأكل وعطش ولم يشرب، طعامه وربه فقط، هو خلاص النفوس، ونحن في العالم نجوع ونعطش ولكن في سماء المجد لن نجوع، ولن نعطش لأن القيامة هي الحل الحقيقي لمشكلة الجوع و العطش. ثلاث مرات :- ونحن نقرأ إنجيل السامرية الرابع من يوحنا ثلاث مرات في السنة، المرة الأولى في الأحد الرابع من الصوم الكبير تقدم لنا المرأة السامرية التي اعترفت وتابت لأن الصوم الكبير هو موسم التوبة والتائبين والتائبات، والمرة الثانية في الأحد الثالث من الخمسين المقدسة وكأننا من التوبة نجدد توبتنا ونحيا لله لأن التوبة هي القيامة الأولى، والمرة الثالثة في السجدة الثالثة يوم عيد حلول الروح القدس ونحن هنا نؤكد روحانية عبادتنا، ونسجد لله بالروح والحق لأن الذين يسجدون لله فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا ونحن نسجد شاكرين واهب خبز الحياة، ومعطي ماء الحياة، وفي قصة السامرية نتساءل المعطي كيف يطلب ؟ المروي كيف يعطش ؟ القادر كيف يتعب؟ ونتعرف على يسوع كل العالم، يسوع اليهود والسامرة، يسوع الرجل و المرأة ، الذي صار جوعانا لأجلنا جاع لكي نشبع نحن، وعطش لكي نرتوي نحن، وتعرى لكي يكسونا، ومات لكي يحيينا، شرب المر لكي يحول حياتنا الى عزوبة الشهد، ويسوع هنا حقيقة إنسانية و لا يغفل يوحنا الجانب الإنساني عن يسوع ، ويسوع هنا صديق صادق صدوق، صاحب عواطف فياضة نحو الخطاة، يدخل الى خبايا المرأة وأعماقها و يعالج جراحها الدفينة، وهو أيضاً رجل الحرية وتحطيم الحواجز بين جنس وجنس، بين اليهود والسامرة، إنه يتخطى الحدود والقيود و السدود ويهتم بالمنبوذين والمهمشين المهشمين وينقذ الى القلب عابراً قفار الاثم ، مجتازا تلال الشرور ، ساعياً وراء، الشار دو الضال و المنبوذ ، و يسوع هنا هو رجل الحوار، ومن لديه القدرة علي الحوار مثله، إن الله يسمع تحاورنا و يشترك في حواراتنا و يشعر بآلامنا، فؤاده حنون يرق للإنسان لأنه إنسان قد جرب الأحزان، السيد المسيح في حواره معنا يرفعنا الى مستواه و ينقلنا من الخبز المادي الى خبز الحياة الروحي، ومن الماء العادي الى ماء الحياة، واذا كنا في حوارنا نريده أن ينزل الى مستوانا فهو يرفع مستوانا اليه، وإذا كنا نسأله لادلولك و البئر عميقة، فإنه يدرك جداً كل مافي أعماقنا. إن يسوع هو ينبوع المياه الحية ( ارميا 13:17) لأن الذي يرحمهم يهديهم والى ينابيع المياه يوردهم (أشعياء 10:49) وهنا يصير السراب أجما و المعطشة ينابيع ماء (أشعياء 7:35) وهو اليوم يقول لك : أنا اعطي العطشان من ينبوع الحياة مجانا ( رؤيا 17:21) أسكب ماء على العطشان و سيولا على اليابسة (أشعياء 3:44) ولا تجعل الرب يقول لك تركوني أنا الينبوع الحي وحفرواً لأنفسهم آبارا مشققة لاتضبط ماء ) ارميا 13:42 )