حبس العالم أنفاسه لمدة خمس ساعات من ليلة أمس، وهو يراقب الأحداث الدرامية التي تشهدها دولة تركيا، بعد مفارقة عناصر من الجيش التركي لثكناته، ومحاولته الصعود إلى كرسي السلطة من على ظهور (الدبابات)، بيد أن كلمات أوردغان التي استمرت لمدة 12 ثانية فقط على إسكايبي قلبت كل الموازين عندما دعا الشعب التركي للنزول للشارع ومناهضة الانقلاب . وتدفق مئات الآلاف من المواطنين إلى الشوارع استجابة للنداء الرئيس رجب طيب أردوغان، الأمر الذي دفع القوات التي قامت بالانقلاب للتراجع والانسحاب من أماكن عديدة، واعتقال بعض قادتها، ووجهت وسائل إعلام تركية نداءات إلى المواطنين للتوجه إلى مطار أتاتورك في إسطنبول الذي انسحب منه الانقلابيون لاستقبال الرئيس أردوغان، فيما أكدت مصادر رسمية ل (بوست عربي) أن الانقلاب قد فشل وتم اعتقال معظم قادته ولم تبق غير بعض نقاط في العاصمة أنقرة ويتم التعامل معها، وقالت وسائل إعلام تركية إن العقيد محرم كوس الذي كان مستشاراً قانونياً لرئيس الأركان التركي هو من قاد الانقلاب أمريكا تغير موقفها وفي تلك الأثناء سجلت ردود الفعل الدولية تغييراً في لهجتها حيث مالت الولاياتالمتحدة إلى حسم دعمها للشرعية في تركيا، بعدما كان وزير خارجيتها جون كيري قد أدلى بتصريح يمسك العصا من المنتصف، وبالمثل دعمت الحكومة الألمانية النظام التركي وأعلنت رفضها للانقلاب وبادرت دولة قطر منذ بدايات اندلاع الاحداث الى رفض عملية الانقلاب وأعلنت انحيازها للشرعية في تركيا، بينما ظلت قناة الجزيرة المحسوبة على النظام القطري تقلل من شأن الانقلاب والانقلابيين، وتنقل الموقف الحكومي في تركيا، وتصريحات المسؤولون الأتراك فيما سجلت القوى السياسية في تركيا موفقاً فريداً من نوعه، حينما رفضت تدخل الجيش في الحياة السياسية، وبالمثل فقد أعلنت متحدث باسم جماعة فتح كولن رفضها لمبدأ الانقلاب العسكري إسلاميو السودان يدينون وفي السودان سارعت أحزاب اليمين وجماعات الإسلام السياسي إلى مساندة حكومة أوردغان، وأصدرت بيانات أدانت فيها محاولة الانقلاب على الشرعية في تركيا، وكان حزب المؤتمر الوطني الحاكم أصدر بياناً شجب وأدان فيه محاولة الانقلاب على النظام الديمقراطي في تركيا، وقال البيان إن المؤتمر الوطني تابع بقلق شديد خلال الساعات الماضية المحاولة الانقلابية الفاشلة التي استهدفت وحدة وحرية الشعب التركي، واستهدفت معه النموذج الفكري الذي قدمه حزب العدالة والتنمية الحاكم في السنوات الأخيرة، وأضاف أن المؤتمر الوطني إذ يدين هذه المحاولة فإنه يجدد دعمه الكامل لحزب العدالة والتنمية، ويشيد بالشعب التركي الذي التف حول قيادته حتى دحر المحاولة الانقلابية، ويعلن مساندته للقيادة التركية بقيادة الرئيس أوردغان والأمين العام لحزب العدالة علي بن يلدريم، وفي بيان صادر عن حزب حركة الإصلاح الآن بقيادة غازي صلاح الدين المعارض، وجه الحزب أصابع الاتهام إلى من أسماهم بقوى الباطل بالتورط في وأد الشرعية في بلاد كثيرة تحت شتى الذرائع، وهي تعبث بذات الصلف والإدعاء الكاذب لتمرر تحت ليل دامس أجندتها مستعينة بالآلة العسكرية التي تصدى لها شعب تركيا المعلم، منتصراً لنفسه وحكومته الشرعية، ودعا الحزب المجتمع الدولي الحر للتصدي لأي محاولة من شأنها وأد الشرعية . رفض تغول العسكر ويبدو أن الجماعات الاسلامية في جميع البلدان العربية والاسلامية كانت تحبس أنفاسها، وتراقب بقلق ما يحدث في تركيا خلال الساعات الماضية في ليلة أول أمس، تلك الليلة التي لم يسبل فيها معظم المهتمون بالشأن التركي جفونهم حتى لحظة انجلاء الموقف وإحباط العملية التي سارعت بعدها جماعة الأخوان المسلمين في السودان إلى إصدار بييان أدانت فيه العملية، وأعلنت تضامنها مع الشعب التركي والمحافظة على الديمقراطية، وفي ذات الاتجاه قال الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل انه ظل طوال الساعات الماضية يراقب وبقلق ما يحدث في تركيا، حيث أدان الحزب محاولة الانقلاب وأعلن عضو الهيئة القيادية ميرغني مساعد في تصريح ل(آخر لحظة) مساندة حزبه لتركيا حكومة وشعباً انحيازا للخيار الديمقراطي في تركيا، وحفاظاً على الديمقراطية من تغول العسكر مواقف متناقضة وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي وموقع خدمة المراسلة الفورية (واتساب) انقساماً حاداً داخل مرتاديها من تيارات اليمين واليسار، ففي الوقت الذي اعلن فيه معظم اليساريون انحيازه للانقلابيين خلال ساعات ما قبل الحسم سارع الإسلاميون إلى إعلان ادانتهم للانقلاب وتاييدهم لحكومة أوردغان، ووصف مراقبون موقف الأحزاب السياسية السودانية بالمتناقض قياساً على مواقفها مما يحدث داخل البلاد، فاليسار ظل يناضل طيلة 27 عاماً مرت على حكم الانقاذ بدعوى عدم الشرعية والانقلاب على الحكومة الديمقراطية المنتخبة، ودعم أمس الأول العسكر في تركيا نكاية في النظام الإسلامي هناك، وبالرغم من أن الانقاذ حكمت البلاد عن طريق البندقية والدبابة، أعلنت رفضها للمحاولة الانقلابية في تركيا حفاظاً على الشرعية والديمقراطية هناك .