* الأمم المحترمة توثق لحياة الرجال الشجعان وتحتفى بهم بل تدرجهم فى كتب التاريخ ، ومن غريب القول لدينا -إن شاء الله يوم شكرك ما يجي – وهي ثقافة بائسة أن ننتظر أن يتوفى الله الشخص فنذكر محاسنه ونكتب عن مناقبه وندبج المناحات لرثائه. *ومن هؤلاء شخصيتان بين ظهرانينا الآن تقاومان المرض وسوء المنقلب في الحال والمآل ينظران بصبر إلى ما صار ، أولهما الأمير عبدالرحمن عبدالله نقدالله ذلك الرجل الذي خرج والده لصلاة الفجر فوجد أحدهم نائماً عند باب منزله فسأله يا هذا ما الذي أرقدك على التراب رد ضيف الهجعة : أتيت قاصدك ودققت على باب منزلك ولم تسمعني فتوسدت الثرى انتظاراً لخروجك لصلاة الفجر فقال الأمير لمعاونيه اخلعوا هذا الباب وخلوا بيني وبين أهل بلادي أقسمت عليكم ألا يكون لمنزلي باب حتى أغادر هذه الدنيا ، وقد سار ابنه عبدالرحمن على دربه وجاهد وتولى من المناصب أكرمها فقد اصبح فى الديمقراطية وزيراً للشؤون الدينية والأوقاف ولم يصبح للبيت باب حتى يوم الناس هذا. *نافح الأمير عبدالرحمن الأنظمة الشمولية ولم يقف بأبواب الحكام ، رغم ما ذاق من العنت حتى أصابه المرض و رقد اكثر من اثنتي عشر سنة طريح الفراش الأبيض ، لكن لم ينقطع زواره من مُحبيه وعارفي فضله وجهاده ووطنيته.*أما الرجل الأخر الجدير بالذكر فهو الأستاذ سيد أحمد الحسين ويروى عنه أنه إبان الحملات الانتخابية عقب الانتفاضة كان كثير السفر للمدن والبوادى ليحشد الاصوات لحزبه بصفته نائباً للأمين العام وقتها ، وفي تجواله في القرى اضطر للمبيت بمنزل أحد أقطاب حزبه بإحدى القرى والذى ساعده فى حشد أصوات أهل القرية لصالح حزبه ، وعندما انتهت الانتخابات عُين سيد أحمد الحسين وزيراً للداخلية وفوجئ بالرجل الذى بات فى منزله أيام الحملة الانتخابية وساعده في حشد الأصوات. *وبعد الترحيب سأل الرجل عن سبب حضوره فقال له الرجل إن أبنى قد أحرز 50٪ في امتحانات الشهادة السودانية الثانوية وهذه النسبة لا تؤهله للأنخراط ضمن طلاب كلية الشرطة لذلك هو يطلب من سيد أحمد الوزير أن يستثني ابنه من شرط النسبة المئوية فرد سيد أحمد الحسين ولكن القبول لكلية الشرطة قبولقومى لا يستطيع الوزير أن يتدخل في قبول احد الطلاب للكلية فكان رد الرجل للوزير إذن فلتبحثوا عن دائرة قومية لتترشحوا فيها في الانتخابات القادمة يا سيد أحمد. *عبدالرحمن نقدالله وسيد أحمد الحسين عليهم سلام الله ورضوانه من الرموز التي قاومت وكافحت الظلم ولم تستجب لذهب المعز ولا سيفه سقطا فريسة المرض كلاهما ، تتشابه سيرتهما ومسيرتهما يرقدان على الفراش الأبيض ويرددان قول أحمد محمد صالح لمّاجلوكِ على الملا وتخيّروا الخُطاّب بعدي هرعوا إليكِ جماعةً وبقيتُ مثلَ السيفِ وحدي