كنت محظوظاً بالسفر عدة مرات في رفقة الرئيس البشير إلى خارج البلاد خلال سنوات عملى بالصحافة، وقبل إنتقالى للتلفزيون ومن السفريات التي لن أنسى تفاصيلها الدقيقة تلك، التي قام بها الرئيس البشير للمشاركة في مؤتمر الكوميسا المقام بزيمبابوي أيام تحديه الأولى، لما يسمى بالمحكمة الجنائية وعقب إعلانها بأيام توقيفه، فالمشاركة تمت وأوكامبو قبلها بيوم كان يعلن من خلال الفضائيات أنه سيتم القبض على البشير عند وصوله هراري، وكان معي في تلك الرحلة من الصحفيين الأستاذ الصحفي الكبير يوسف عبد المنان، ويوسف من الذين يجعلون للزيارات الداخلية والخارجية معه طعماً خاصاً بروحه الحلوة وقفشاته وتعليقاته.. المهم برغم التهديدات أصر الرئيس البشير على المغادرة والذهاب إلى هراري ومعه الفريق بكري حسن صالح، الذي كان وقتها وزيراً لشؤون الرئاسة، ومدير مكتب الوزير النشط الفريق طه عثمان، فحلقت بنا الطائرة الرئاسية في السماء، وكل الإحتمالات كانت لحظتها في ذهني واردة، وأنا أشاهد قبل الرحلة اوكامبو يقول أمام أسماع العالم إنه سيلقي القبض على الرئيس البشير، بينما ألاحظ ثباتاً وقوة على وجه الرئيس، ويقيناً مدهشاً وزادت شكوكي عندما وصلنا هراري ولم نجد الرئيس الزيمبابوي في استقبالنا، ووجدنا هراري تعيش هدوءاً عجيباً.. ووجدنا في استقبالنا وزيرة الرياضة والشباب، والتي اصطحبتنا إلى غرفة الاستقبال الرئاسية، وأخبرتنا أن المؤتمر مقام في مدينة فكتوريا التي تبعد مسافة ساعة من هراري بالطائرة، وأن على الرئيس أن يترك طائرته الرئاسية في مطار هراري وينتقل بطائرة زيمبابوية الى هناك لصعوبة هبوط طائرته الرئاسية في مطارها، لتقفز الأسئلة من جديد في رأسي، كيف يترك الرئيس طائرته ليستغل أخرى يقودها من لا نعرفه، فنظرت للأخ الأستاذ/ يوسف وبادلني النظرات، وكنا في الغرفة الرئيس البشير والفريق بكري، والفريق طه، ويوسف وأنا، وكنت اتوقع أن يعتذر الرئيس البشير عن المواصلة إلا أنه نهض وأمرنا بأن نتجه للطائرة الزيمبابوية، التي حلقت بنا في السماء التي لا تعرف فيه الى أين تتجه، ولاحظت أن الرئيس كان قوياً جداً في شجاعة لا تتوفر في أي رئيس آخر...... ولم أطمئن إلا عندما أعلنت الطائرة الهبوط وشاهدنا المستقبلين للرئيس في فكتوريا.... وصلنا ولكن المخاوف عندي لم تنقشع، فربما المكيدة في العودة.. المهم عندما دخلنا قاعة المؤتمر دوت القاعة كلها بالتصفيق للرئيس البشير الذي جاء إلى هناك من أجل تأكيد عدم اهتمامه بالمحكمة الجائرة، في شجاعة يحسد عليها، جاء الى هناك فيما تخلف الرئيس المصري محمد حسني مبارك والرئيس الليبي..... مشكلاً رسالة قوية بأن الشجاعة في رفض القرارات الظالمة هي الرسالة التي يجب أن نوصلها للإستعمار الجديد، وأن الأفارقة يجب أن لا يخافوا من تهديدات ما يسمى بالجنائية وغيرها.. ولاحظت أن كل الحاضرين كانوا ينظرون إليه نظرة إعجاب لتنتهي الرحلة وتعقبها زيارات خارجية أخرى كثيرة، كانت في كل واحدة رسالة قوية تكسب الأفارقة قوة.... ومن هناء جاء تكريمه من قبل العلماء والباحثين في أديس الذين أرادوا أن يقولوا لكل زعماء افريقيا إن العزة في مواقف زعمائنا في وجه الاستعمار الجديد بكل أشكاله.... والبشير رمزاً.