٭ ضحك الحشد الضخم والذي كان في مقدمته نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبد الرحمن ، للتعليق الطريف ، لرئيس اتحاد عام الغرف الصناعية معاوية البرير ، على أغنية الفنان الذي كان يردد (برتكان مرة .. الله لي منو .. دا العسل كلو من جبل مرة) حيث قال :(نحن عاوزين برتكان جبل مرة دا تتعامل معاه المصانع وتعصروا). ٭ البرير أعلن بعدها تبرع اتحادهم بمليوني جنيه ، فحصد بعضها تصفيق مدوي تلاه تهليل وتكبير من الحاضرين بقاعة الصداقة أمس، الذين احتشدوا لأجل (نفرة تعمير جبل مرة) ، التي وقف على رأسها والي وسط دارفور الشرتاي جعفر عبد الحكم. ٭ كثيراً ما احتضنت ذات القاعة ، (نفرات) ، دعم وإسناد لبعض الولايات خاصة في الآونة ، لكن نفرة إعمار الجبل تختلف تماماً ، بعد أن اكتسبت بعداً قومياً بمشاركة من أناس من غير أبناء دارفور. ٭ أعجبني موقف زميلي بهذه الصحيفة لؤي عبد الرحمن الذي أعلن عن تبرعه بمرتب شهر، وقبلها عرف نفسه بطريقة ذكية بأنه من أبناء الجزيرة.. كل السودان كان في قاعة الصداقة دعماً للنفرة. ٭ ولعل سر التدافع يعود لأربعة أسباب، الأول أن الجبل تحرر من أيدي التمرد وزال عن أهله الكابوس كما قال الشرتاي ، وبالتالي تعمق الإحساس الوطني لدى الكثيرين باستعادة جزء عزيز من أرض الوطن. ٭ والأمر الثاني أن مبادرة النفرة ، جاءت من رجل كله همة ونشاط وأفكار تمشي بين الناس وهو نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن، ولذلك لبى الكثيرون النداء أمس وتسابقوا في التبرع. ٭ والأمر الثالث أن الوالي جعفر كان عند العهد والوعد ، إذ انتقل بطاقم حكومته إلى محليات الجبل وأمضى شهراً بالجبل وعقدت حكومته ثلاثة اجتماعات لمجلس وزرائها بكل من (روكرو) ، (فنقا) و(قولو). ٭ والأخير أن احتياجات الجبل تم تحديدها ، وتصنيفها (منطقة منطقة) ، وبشكل دقيق ، مما يعني وضوح المشاريع ، ووحدة الفكرة والأهداف وهي مسألة مفقودة في كثير من (النفرات) ، التي يهدف بعض الولاة من ورائها للكسب السياسي. ٭ الاهتمام الحكومي بالنفرة بلغ قمته بحضور مساعدي الرئيس موسى محمد أحمد وعبد الرحمن المهدي وأكثر من عشرة وزراء ووزراء دولة وقبلهم كان النائب في المنصة يدوّن كل تبرع تم الإعلان عنه. ٭ كان الجميع منشغلاً بالهم الوطني في إعادة تأهيل وتعمير جبل مرة ، والكل يؤاز بعضة بعضاً ، كل حسب قدرته ، ولفت انتباهي تسابق أبناء المناطق المتأثرة بالجبل لتقديم الدعم وكذلك اتحاد الطلاب بقيادة المهندس مصعب. ٭ لكن الموقف المؤثر كان من جمعية الدعاة والحفظة ، عندما وقف ممثلهم وأعلن عن حزمة تبرعات روحانية قيمة وهو يتعهد بإقامة الجمعية لحلقات التلاوة والدعاء لله مليون مرة بأن ينعم الجبل وأهله بالخير والنماء ، ثم أعلن بعدها عن تبرعه الشخصي بنصف راتب شهر. ٭ ومهما يكن من أمر كان المشهد أمس يجعلك تردد ( كان ما جيت من زي ديل واسفاي وا ماساتي وا ذلي تصور كيف يكون الحال لو ماكنت سوداني وأهل الحارة ما أهلي).