حزب الأمة القومي رغم أنه يتكيء على إرث طائفي عميق يوغل في رحاب العمل التنظيمي الداعي إلى الديمقراطية، بعيداً عن وحل العنف واتخاذ العمل المسلح والانقلابات ديدن له، بغية الوصول إلى أهدافه تماشياً مع الاصلاحات التنظيمية التي عكف على صياغتها زعيم الحزب الإمام الصادق المهدي، ومحاولته فرض صبغة المدنية عبر مصطلحات رفد بها الساحة السياسية على شاكلة العصيان المدني، والجهاد المدني بالإتجاه نحو خيارات التسويات السياسية بعيداً عن أفواه البنادق تؤكد نأي الحزب عن امتطائه العنف والانقلابات كوسيلة للوصول إلى السلطة، لكن السنوات العجاف التي أفضت بالحزب بعيداً عن موائد السلطة والثروة يبدو أنها حولت منهجيته من مساره المسمى بالجهادي المدني إلى الانقلاب العسكري، وما أفضى به نائب رئيس الحزب اللواء معاش فضل الله برمة ناصر من أسرار كانت حبيسة أدراج الأمة لنيف وعشرين عاماً في مقابلة تلفزيونية له بقناة الشروق عن اعتزام حزبه للقيام بمحاولة انقلابية بعيد مضي عامين من انقلاب الإنقاذ عليهم، بهدف استرداد حكمهم من خلال ايكال قيادة العملية إلى الأمير عبد الرحمن نقد الله، يشير إلى النوايا المبطنة التي كان يحملها الأمة بهدف إحداث انقلاب تصحيحي يرجع على إثره ملكه المفقود تهكن بالنوايا لكن كاشف سر الأمة اللواء برمة ناصر امتعض من جراء تحريف إفادته التي تفوه بها لقناة الشروق، دامغاً إياه عبرحديثه ل(آخرلحظة) بغير الموضوعية، قبل أن يوصد الباب في عدم اعتزامه الخوض أكثر في تفاصيل ما جرى، ويبقى أن نشير إلى أن الكشف عن انقلاب الأمة المزعوم في هذا التوقيت المفصلي، لربما يؤكد الرغبة العارمة للحزب في البحث عن موطيء قدم أكثر صلابة من ذلك الذي تطرحه عليه الحكومة عبر هذه المزاعم، وإن كانت مجرد دعاية سياسية، إلا أنها تكشف الستارعن النوايا المبطنه للأمة من خلال بعثرته لأوراقه المسماة بالجهاد التي ظل يتدثر بعباءتها السياسية وفي هذا الاتجاه جزم القيادي البعثي وجدي صالح بعدم التكهن بالنوايا التي كان يحملها الأمة في ذاك الوقت عبر مساعيه التي كشف عنها لاسترداد حكمه من قبل الانقاذ، لكنه في ذات السياق اعتبر أن السير نحو الانقلاب من أجل اكتساب ثوب الشرعية لنظام الحكم يمثل مبدءًا مرفوضا على الأصعدة القانونية والدستورية سد المنافذ ويجزم نائب رئيس حركة الإصلاح الآن حسن عثمان رزق بعيد استرجاعه لخلفيته العسكرية، كمسؤول التجنيد للجبهة القومية صاحب انقلاب الإنقاذ، إلى أنه ماكان لأي انقلاب بعد الانقاذ سيكتب له النجاح بسبب أن الحركة الاسلامية كانت تمتلك كل خيوط اللعبة السياسية بيدها، الأمر الذي مكنها من أن تحيط علمها بكل ما يحدث داخل الجيش، وتعمل علي سد المنافذ التي يمكن عبرها أن ينفذ الانقلاب خاصة بعيد تمكنها في مفاصل الدولة ويتابع ربما يكون للأمة القومي «شغل في الجيش» لكنه إذا تم فربما يقع في فترة ما قبل الإنقاذ وفي ذات المضمار انبرى الرجل إلى إغماد سيوف الأمة التي أشهرها اللواء برمة في ساحة المعركة دون معترك، من خلال الشفافية التي حملتها أقواله عن الانقلاب، ويرى مسؤول منظمة الشفافية السودانية د.الطيب مختار بحديثه الداعي إلى أن الرجوع الي «نبش» ماحدث في الماضي من قبل الأمة القومي علي سبيل الأفعال و الأقوال السياسية رغم محك المصداقية عبرها، يعتبر سبيلاً نحو الشفافية، إلا أن ما يخرج عنها ربما يؤدي بالعملية السياسية الي التعقيد، ويطالب مختار الأمة إلى نبذ الماضي وراء ظهره والالتفات نحو الحاضر عبر اتجاهه الي التوافق السياسي مع الحكومة من أجل المصلحة العامة بعيداً عن التباكي على أطلال الماضي دعاية سياسية لكن المحلل السياسي استاذ العلوم السياسية بالجامعة الاسلامية د.صلاح الدومة مضى في إخراج القضية من المساحيق السياسية التي تزينها بالقول إن التصريح الذي أتى به اللواء برمة لايخرج من خانة الدعاية السياسية التي يريد الأمة القومي أن يصرف الساحة حولها، وقفز الدومة بالحديث حتى خلص إلى أن زعيم الحزب السيد الصادق المهدي كان سيرفض مبدأ العمل المسلح عبر الانقلاب إذا تمت إحاطته به، علماً بتفاصيل ما يكون من انقلاب لأن هذا يتعارض مع دعوته للمدنية، مردفاً بأن الكشف عن هذه المعلومات في هذا التوقيت ربما تفسر في سياق ايهام الأمة القومي للحكومة بأنه من الأقوياء، لاسيما بعد حديث البشير الأخير للمعارضة بان العام الحالي يمثل آخر فترة للوصول إلى تسوية سياسية .