٭ لو تأمل المشاهد الكسلاوي في قناة كسلا الفضائية لأحس أنه يعاني من احتراق داخلي أسفاً عليها ، أولاً هزال في البرامج ، ثانياً عتمة على الشاشة ، ثالثاً شعارها الذي أحال جبال التاكا السمراء إلي كتلة من جبال صفراء لا تسر الناظرين ، ترى ما الذي فعله دافع الضرائب المسكين في ولاية كسلا حتى يحكم عليه أن يوزع أيامه على قناة فضائية ليس لها صلة بالإبداع والمبدعين ، قناة كان الهدف من إنشائها أن تعمل على ترسيخ برامج لها رسالة جمالية ، تزداد بها جنة الإشراق إشراقاً ،إلا أنها فشلت ، والدليل على ذلك أنها أصبحت مجرد قناة هائمة بين بقية القنوات. ٭ في مدة لا تزيد عن دقائق معدودة نالت الممثلة الأمريكية جين مانفليد جائزة الأوسكار لقيامها بتجسيد حالة لامرأة حبلى ولد جنينها ميتاً، وقال سيسل دي ميل مخرج الفيلم إنه كان يعلم أن (مانفيلد) فقدت جنيناً لها ولد ميتاً قبل عدة سنوات وأضاف لقد ساعدها ذلك كثيراً في القيام بهذا الدور، حيث أكدت للجميع أنها لم تكن تمثل وإنما كانت تتأوه بألم حقيقي أثناء تأديتها لهذا الدور. ٭ كلما أتذكر الكلمة التي نطق بها الفنان الكبير عبد الكريم الكابلي في ذلك اليوم الخريفي الرائع وأنا أسلمه أغنية (شربات الفرح )، شعرت أنه منحني وساماً من التقدير ، فقد نطق بها قائلاً : أغنية جميلة إلى حد الإدهاش وبما أن كل شعراء الغناء وبما فيهم ملك الأغنية الرمزية عمر الدوش كان دائماً يقول إن الكابلي شاعر وفنان في آن واحد، هو الآن يعيش بعيداً عنا ولكنه معنا يمتزج بأنفاسنا من خلال أغنيات لها سلطة، إذا اقترب منها النسيان توقف احتراماً. * كان الشاعر الراحل إسماعيل حسن من أقرب الشعراء إلى نفسي، أذكر أنه حين استمع أول مرة إلى أغنيتي (جرّبت هواهم) للفنان محمد وردي قال لي: إن كلمات هذه الأغنية تحتاج إلى عمق أكثر في بعض المقاطع، إلا أنك تحايلت عليّ بالتدفق العفوي في الإيقاع الموسيقي للأحرف المنغّمة، مما جعلني أشعر أنها تحمل بعضاً من ملامحي الشعرية، كان هذا المبدع حنيناً كأنسام الشمال، كان أول من أعلن أنه لن يقبل هواناً من امرأة أحبهاً، فكتب أغنية (بعد إيه جيت تصالحني)، مما دفع عدداً من شعراء الحقيبة إلى الهجوم عليه باعتبار أنه أعلن عصياناً على الخصر النحيل والشعر الطويل، لكن إسماعيل واصل عصيانه فكتب أغنية (غلطة كانت غرامي ليك)، ثم أعقبها بأغنية (يا ما بكره تندم).. لقد تعلم الشعراء من إسماعيل حسن (عليه الرحمة) أن يموت الإنسان واقفاً خير له ألف مرة من أن يموت تحت أقدام امرأة. ٭ ظل الموسيقار (بليغ حمدي) يردد في كثير من مقابلاته الفنية أنه يعتبر الموسيقار محمد عبدالوهاب أكبر مقتبس للألحان الموسيقية في مصر، وقال إنه يتميز بقدرة هائلة على الصيد السهل للجملة الموسيقية التي تعجبه الصادرة عن أي لحن غربي، ثم يعمل على مزجها بحسه الشرقي ثم يخرج بها للناس لحناً يتفجر طرباً، وبما أن معظم الموسيقيين في مصر كانوا يعلمون عن عداء خفي يكنه بليغ للموسيقار الكبير، فإن أحداً منهم لم يصدقه، بل كانوا يتندّرون عليه باعتبار أنه يسعى لبيع الطماطم في سوق باريس المعبأ بالتفاح الفرنسي. ٭ هدية البستان: صوت السواقي الحاني ذكرني ماضي بعيد وعلى الرمال آثارك طرتني ليلة عيد