(إن الركود يعني أن يفقد جارك وظيفته، أما الكساد فهو أن تفقد أنت وظيفتك). يوضح البروفيسور علي أحمد سليمان أن الكساد Depression) ) يعني انخفاضاً كبيراً ولفترة زمنية طويلة نسبياً فى النشاطات الاقتصادية من إنتاج واستثمار واستهلاك مما يؤدي إلى زيادة معدل البطالة ولفترات طويلة أيضاً.. أما الركود (Stagnation) فهو يعني فترة طويلة ينعدم فيها النمو الاقتصادي، أما الركود التضخمي (Stagflation) فهو مصطلح إنجليزي مركب من جزئين، من كلمتي الركود المصحوب بالتضخم أو ارتفاع الأسعار بدلاً من انخفاضها.. وقد كان الاقتصاديون حتى مطلع سبعينيات القرن الماضي يعتقدون أن الركود والتضخم نقيضان لا يجتمعان أبداً ولكن منذ حوالي 1974 أثبت الواقع الاقتصادي في الدول الغربية وغيرها أنه يمكن أن يكون هناك ركود تضخمي، إذ يصاحب الزيادة في معدلات البطالة استمرار ارتفاع مستوى الأسعار، ويعود وجود ركود وتضخم إلى أن جزءاً كبيراً من تكلفة الإنتاج غير مرن مثل الأجور وأسعار الطاقة وغيرها، وبالتالي فإن الأسعار لا تنخفض فى حالة الركود كما كان يعتقد الاقتصاديون الكلاسيكيون. وعلى هذا فإن الركود التضخمي يعني وجود ركود أي انعدام نمو وبطالة مصحوباً بالتضخم، أي ارتفاع كبير ومستمر في مستوى الأسعار. ويشير علي أحمد سليمان إلى أن الإصلاح الاقتصادي يعني زيادة كفاءة الاقتصاد القومي حتى يحقق رفاهية اقتصادية أفضل للمواطنين، ولكن بالطبع تختلف ترجمة هذا الهدف إلى أهداف تفصيلية أو عملية باختلاف طبيعة البلاد الاقتصادية.. فالبلاد ذات عبء الديون الخارجية الكبيرة تهدف أساساً إلى تسديد هذه الديون، بينما البلاد الاشتراكية تحاول الإصلاح الاقتصادي من خلال إصلاح القطاع العام وزيادة كفاءة الأداء الحكومي، وفي البلاد ذات التوجه الرأسمالي يقوم الإصلاح الاقتصادي على أساس زيادة فعالية جهاز الأثمان وتحرير الاقتصاد من القيود وزيادة حجم الاستثمارات المنتجة وتشجيع الصادر وتصفية وحدات القطاع العام الخاسرة أو التي لا تعمل بكفاءة عالية والحد من هجرة رؤوس الأموال والخبرات الوطنية وإصلاح القطاع المالي. كل من الركود والكساد والتضخم يعمل على زعزعة الاستقرار الاقتصادي .. وأول مهددات عدم الاستقرار الداخلية الفجوة في الميزان التجاري والفجوة بين الإنتاج والاستهلاك والخلل في آليات التوزيع.. وهذا يتطلب تدخل السياسات الحكومية لردم هذه الفجوات وإصلاح أجهزة التوزيع لتحقيق الكفاءة والعدالة والمواءمة بين حاجيات الجيل الحالي وجيل المستقبل.. آخذين في الحسبان أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتم بتحقق التشغيل أو التوظيف الكامل للموارد واستقرار الأسعار لمنع التقلبات في مستويات الإنتاج والأسعار والتوظيف. وهذا يتطلب كما يؤكد علي أحمد سليمان، أمرين مهمين، أولهما استمرار التشغيل أو التوظيف الكامل للموارد. وثانيهما عدم حدوث تغيرات في المستويات العامة للأسعار، وتتدخل الحكومات بشتى الأدوات المالية والنقدية لتحقيق ذلك، ومن المؤكد أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي بشكل مستمر من الأمور الصعبة خاصة في ظروف العولمة وتشابك المصالح الاقتصادية العالمية. إن إجراء أي إصلاح اقتصادي لا يقتصر فقط على استخدام آليات السياسة النقدية عبر مصرف السودان المركزي، والسياسة المالية عبر وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي فقط، وإنما هو عمل متواصل يشمل جميع مفاصل الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، باعتبار أن العمل الاقتصادي يتطلب التوازن النفسي في الإنفاق والكسب والإنتاج والاستهلاك واستغلال الموارد وتخصيص الوقت، والإصلاح الاقتصادي هو عمل يومي جمعي مثل الأشخاص الذين ركبوا سفينة فقام بعضهم بثقب جزء من السفينة يتبع لهم بعد أن تقاسموها، فإن فعلوا ذلك غرقت السفينة، وإن غرقت فإن المسؤول الوحيد ليس هو القبطان، وإنما سائر مستقلي السفينة.. وهكذا الاقتصاد هو مسؤولية الجميع بعد وضع السياسات والمؤشرات الإصلاحية التي تهيئ المناخ المناسب للإنتاج وترشيد الصرف والاستهلاك وزيادة حجم الصادرات وتقليل حجم الواردات وانتهاج سياسات لتحسين العلاقات مع دول العالم الخارجي خاصة الدول الكبرى، لأن مصيدة السياسة يقع فيها السياسيون والاقتصاديون، فلا مجال للإصلاح الاقتصادي دون استخدام آلية الدبلومسية وتوظيف السياسة الخارجية لمزيد من الانفراج الخارجي، مع صفو المناخ السياسي الداخلي وضبط الخطاب العام والمضي قدماً في الحوار الوطني دون التنازل عن مسلمات العزة الوطنية.. مؤكدين أن تحقيق السلام يتطلب أيضاً تمتين أدوات الدفاع عن الوطن بقواته المسلحة والقوات النظامية الأخرى.. إذ لا سلام مع الانكسار. ولعلنا ندعو إلى قيام مؤتمر اقتصادي جامع بهدف مراجعة السياسات الاقتصادية على ضوء المتغيرات الكثيرة التي حدثت منذ انعقاد المؤتمر الاقتصادي الأول عام1989.