* أمس الأول أطلقت وزارة الصحة ولاية الخرطوم حزمة تحذيرات لتجنب الإصابة بالإسهال المائي، وكانت قد انتشرت تحذيرات عبر الأسافير من خطورة المرض وإمكانية تحوله إلى وباء لا قدر الله، وأن تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي. *لكن اللافت فى الأمر تعاطي الفئات المختلفة مع أعراض الأزمة الصحية الماثلة أمام أعيننا بفعل الصور المُلتقطة والبينات والتقارير المختلفة، وربما هذا أس مشكلاتنا الإصرار على تحويل أي أزمة إلى رد فعل سياسي ومحاولات الكسب السياسي عبر محاولة إظهار الفشل الحكومي في التعاطي مع الأزمة لتنطلق حملات الشجب والاستنكار والتنديد من عدد من الأحزاب السياسية ومن بعض النشطاء. *في الأفعال السياسية الراشدة تنطلق المعارضة طوعاً لسد العجز وقفل الثغرات دعماً وتوعية بدلاً عن إطلاق البيانات والتصريحات، ألم نشاهد أحزاب المعارضة التركية تقف مع الحكومة لدحر الانقلاب على الديمقراطية في منتصف يوليو الماضي، طبعاً الأحزاب والجماعات السياسية ليست جمعيات خيرية لتُحسن الظن بالحكومة خصوصاً وأن تجاربهم السابقة جلها فاشل، لكن في حال توقع الكوارث يتم التوافق على الحد الأدنى لتخفيف عبء الكارثة المُحتملة. *وقد ثمنتُ دور كثير من النشطاء والناشطات في اهتمامهم بشرح مخاطر المرض وتوعية المجتمع بكيفية تفادي الإصابة، وفي حال الإصابة كيفية المقاومة وهذا هو الدور الإيجابي المرتجى منهم، وأكاد أكون موقناً من أن حملاتهم الإرشادية قد آتت اُكلها بالنسبة لي شخصياً ولبعض من أعرف. *تأمل معي ماذا سيكون الوضع إذ قام مصدرو بيانات الشجب والتنديد بالعمل على إرسال متطوعين أو عمل توعية صحية عبر دور أحزابهم وفي الجامعات والمدارس، نعم هو دور الحكومة لكن إذا ما اتهمناها بالتقصير فأين دورنا، هل نغلق أبواب منازلنا ونسد آذاننا أُصيب من أُصيب أو مات من مات، أليس الأجدى تقديم البديل. *التحذيرات التي أطلقتها صحة الخرطوم كان يجب أن تتبعها إجراءات احترازية تمنع بائعي الأطعمة المتجولين وتقوم بحملات تفتيشية على المطاعم والكافتيريات ومحلات بيع الطعام، وبدلاً عن التحذير من شرب الماء من الباعة المتجولين، إصدار أمر محلي بمنعهم عن بيع الماء بطريقته التي يمكن أن تنقل تلك الإسهالات المائية والقيام برش المبيدات التي تكافح الذباب الناقل للمرض، ويمكن تخصيص برامج تلفزيونية وإذاعية وصفحات في الصحف وخطب الجمعة للمسلمين ودروس الأحاد للمسيحيين لبث التوعية ليس للخرطوم فقط ،بل كل السودان، مع نشر فرق المراقبة لرفع التقارير اليومية حتى انحسار موجة هذا المرض. *دعاوى الخوف من بث الذعر وغيرها لا تفيد في مثل هذه الظروف، بل تكاتف الجميع لدحر هذا المرض بتوعية بعضنا البعض بغسل الأيدي بالصابون وعدم أكل خارج المنزل قدر الإمكان وتجنب الخضروات الأكثر عرضة لنقل المرض وكل التحذيرات التي أنتشرت بين يدي الناس بواسطة النشطاء وصحة الخرطوم ولنتكاتف بدلاً عن الفرقة عند نذر الأزمات.