خلال الفترة الماضية التي نعمنا فيها بصحبة الأخ د.كرار سفيراً بديوان الوزارة لفت نظرنا بتميز معهود عنه في كافة الإدارات التي خدمها وآخرها إدارة شؤون الصين .. وكان الأداء خليطاً بين مهنية دبلوماسية عالية وحكمة رجل الدولة .. وبينما كانت الكثير من السفارات تتشوق لرفدها به سفيراً فوق العادة وممثلاً مخلصاً لهذا الوطن ارتأت القيادة زفه لجهاز طالما أحبه وتبتل في محرابه.. هكذا جاء تعليق السفير عبد المحمود عبد الحليم سفير السودان بالقاهرة فور سريان نبأ تجديد الثقة وإعادة تعيين السفير د.كرار التهامي أميناً عاماً لجهاز المغتربين الذي سبق وعمل به الرجل بضعة سنوات شهدت حراكاً وتفاعلاً عريضاً ظهرت تجلياته في التداول الواسع والتعليقات الكثيفة التي أعقبت صدور القرار بمختلف المواقع الالكترونية ومجموعات الواتساب. معارضو الإنقاذ وقد كان لافتاً للصحيفة أنه حتى المواقع والشخصيات الشهيرة بمعارضتها للإنقاذ تداولت خبر تعيين التهامي بتفاؤل وارتياح حتى أن أحدهم وصف عودة الرجل للجهاز بتعليقه ( كرار التهامي كان آخر شعرة بيننا وبين النظام وبعد ماشالوه اتقطعت وارتحنا ، غايتو بنحاول نطبع علاقاتنا مع جهاز المغتربين والإنقاذ تاني لكن بالتقسيط زي أمريكا كده). بالبحث حول خلفية التهامي علمنا أن المغتربين يجدون فيه ضالتهم لأنه مغترب سابق امتدت هجرته لقرابة العشرين عاماً بين براري كندا البعيدة وصحاري المملكة العربية السعودية المجاورة عمل خلالها بوزارة الصحة السعودية والمستشفى العسكري بالرياض ووزارة الدفاع السعودية ومركز الأبحاث الطبية المتطور بتورنتو. كما أن الرجل شغل في بواكير صباه منصباً مرموقاً وعسيراً على الشباب وقتئذ حيث عمل رئيساً لشعبة الدراسات السياسية بمركز الدراسات الإستراتيجية خلال الفترة 1984 – 1986م ، هذه فضلاً عن حب الرجل القديم للأدب والشعر والعمل الإعلامي الذي حاز فيه درجة الدبلوم العالي من جامعة الخرطوم فور تخرجه من الجامعة وقد كان يكتب العديد من المقالات الصحفية بالعديد من الصحف اليومية منذ الفترة الحزبية الثالثة وحتي اليوم. النشأة التهامي من مواليد مدينة ألتي بولاية الجزيرة في ستينيات القرن الماضي وهو الابن الوحيد للناظر محمد الحاج التهامي ناظر شمال الجزيرة ومنطقة المسيد والقاضي الشهير.. وقد قيل إن الكرار كان من المداومين منذ صباه على محكمة والده بل ومن أصحاب الرأي حول القضايا التي يتم التداول بشأنها وكان والده يستأنس به كثيراً ويحبه ويقدمه للضيوف والزوار.. تزوج الكرار من زميلته بالجامعة الطبيبة إنصاف زروق وأنجب منها عدداً من الأبناء النوابغ منهم منتصر الذي يدرس الطب بجامعة كورنيل الأمريكية ومحمد وسامي اللذان يدرسان القانون والهندسة بكندا ودكتورة علياء حرم الأستاذ يوسف محمد الحسن مدير مجموعة كومون.. ولعل العديد من الصحف احتفت منذ عام تقريباً بالنجاح الباهر الذي حققته كريمته روعة حيث أحرزت أعلى درجة في امتحانات الشهادة البريطانية على مستوى العالم وحصلت على منحة دراسية بجامعة كولومبيا الشهيرة بنيويورك. قبول واسع باستطلاع بعض الذين عملوا مع التهامي بجهاز المغتربين نجد أن الرجل يحظى بقبول وارتياح واسع، حيث وصفه أحدهم بالرجل المحترم والمتحضر، معتبراً أن فترة د.كرار بالجهاز شهدت تطوراً علمياً في نظم وسياسات عمل الجهاز وآلياته التخطيطية وبناء قدرات العاملين وتطوير الشباب والاهتمام بالتقنية، بينما يرى الآخر أن التهامي صاحب فكر عميق ورؤية ثاقبة وظل يجتهد بالحسنى من أجل ترقية العمل بالجهاز وتوسيع دوائر الخدمات للمغتربين وتقوية صلاتهم بالجهاز والدولة، وهو الأمر الذي اعتبره قيادي بارز في الدولة فضل حجب اسمه سبباً رئيسياً في عودة التهامي للجهاز، لأن فترة عمله السابقة شهدت تواصلاً مفتوحاً مع أبناء السودان بالخارج وشهدت حواراً جريئاً بين الحكومة والمغتربين كانت أبرز علاماته هي تلك المؤتمرات التي نظمها التهامي والتي جمعت بين دفتي قاعة الصداقة أكثرية الكفاءات والخبرات السودانية الشهيرة والجهيرة السيرة بالخارج ومنها مؤتمر الخبراء السودانيين بالخارج الذي شهده البروفيسر حامد رشوان والدكتور أحمد الضوي والبروفيسر محمد بقادي ومؤتمر السودانيين العاملين بالمنظمات ومؤسسات التمويل بالخارج، وقد كان لافتا أن المؤتمر حضر للمشاركة به بل واختير لرئاسته الدكتور صلاح منديل الخبير السوداني العالمي المعروف، ومؤتمر الإعلاميين السودانيين بالخارج الذي جمع أشرس أعداء الإنقاذ من حملة الأقلام وقادة الرأي المهاجرين ولسنوات عديدة وكان بعضهم لم يعد للبلاد لعشرات السنوات مثل الأساتذة مصطفى البطل ومحمد عثمان إبراهيم والمرحوم سالم أحمد سالم وغيرهم.. إذن فإن التهامي دبلوماسي بحق كما وصفه السفير عبد المحمود ولديه مغنطيسية جاذبة للآخرين. الثائر ولكن هنالك من يعتبر التهامي شخصية ثائرة فكرياً ومنهجياً وصاحب أفكار ومبادرات خارج الصندوق التقليدي حيث بادر بإنشاء المجلس الأعلى للجاليات بالخارج ومركز دراسات الهجرة وصندوق رعاية المغتربين وجامعة المغتربين وقانون مكافحة الإتجار بالبشر الذي اعتمده البرلمان وأصبح تشريعاً قانونياً ومن نقاط القوة بملف السودان بالمجلس العالمي لحقوق الإنسان بجنيف الخطوة التي أهلت التهامي ليكون من الخبراء المرموقين في مجال مكافحة الإتجار بالبشر ، كذلك بمجال اقتصاديات الهجرة وهو مشروع تنموي متقدم يتعلق بدمج الاقتصاد المهاجر في الاقتصاد الوطني مما أهله للانتخاب لمنصب رئيس لجنة خبراء التنمية والهجرة التابعة لمنظمة الهجرة والتنمية التابعة للأمم المتحدة. العمل العام لم يمنع ضيفنا من اهتماماته الرياضية، حيث عمل رئيساً للعديد من الروابط الرياضية والثقافية والاجتماعية بالخارج، كما عمل أميناً لمال نادي الهلال ونائباً للرئيس ورئيساً للجنة تسيير النادي لفترة مؤقتة.