بدأت عودة الحجاج إلى بلادهم بعد أن قضوا أيامهم الماضية في صفاء روحي وعبادة غير مقطوعة وحسوا أنهم أقرب للجنة بعد أن غفر الله لهم في عرفات ونقول لكل الحجاج (حجاً مبروراً وذنباً مغفوراً)، ورغم أن الناس قد تركوا (ضرب) ركائز الأبواب بالأبيض والكتابة عليها بلون (الظهرة).. (يا داخل هذا الدار صلي على النبي المختار.. حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً)، يجوز لأن عدد المستطيعين كثر وقد كان الحج في السابق مرهقاً ومكلفاً ولا يذهب إليه إلا أصحاب الأعمار الكبيرة ونادراً ما يذهب إليه الشباب.. وقد تركت الفترة موروثات وطقوساً منها ما كتبته آنفاً عن الكتابة على أبواب المنازل وغيرها، لكن بقي منها بعض الأشياء التي نعتقد أن الناس يجب أن يتنازلوا عنها وهي (هدية الحاج)، نعم فهدية أهل وأصدقاء الحجاج دائماً ما تكون (خروفاً) وهو ليس أضحية، بل يكون الضحية فيه هو (الهادي) الذي لا يحمل هم ضحيته بقدر ما يحمل هم الخروف الذي سيهديه للحجاج القادمين، ورغم أن غالبية الناس قد بدوا مكرهين لتغير الهدية (ونوعها)، إلا أنها تظل ملزمة وفي أحيان كثيرة رداً لهدية سابقة أو تقديراً للحاج الذي له جمائل على الشخص الآخر.. المهم سادتي يحكى أن أحد التجار السودانيين قد ذهب للحج وعندما (رجع) هدى له أصدقاؤه وأهله خرافاً كثيرة جداً وقد سعد بذلك وعندما جاء موسم الحج الجديد وجد أن كل من هدوا له خرافاً سيؤدون الحج في ذلك الموسم وتذكر أنه سيهدي كل المجموعة التي ستسافر للحج (خرافاً) فقرر أن يحج هو أيضاً فتسقط هدايا الخراف. المهم سادتي الحج فرحة للطرفين الحاج ومستقبليه، فيجب أن يترك الناس المجاملات (الفايتة) حدها وأن يكون التهادي معقولاً حتى لا تضيع الفرحة.. مرة أخرى حجاً مبرواً لمن سهل له الله الحج وناداه المنادي وكتبها الله لمن لم يحجوا.. آمين. ملحوظة: كان الحجاج يهدون للناس العطور والخاتم أبو (فاروظة) والطرح وقماش (الجلاليب)، أما الآن فقد اقتصرت هديتهم على السبح فقط، فلماذا لا تتغير هدايا الرد.