في كتاب المطالعة في المرحلة الابتدائية (طيبة الذكر)، نذكر قصة الرجال العشرة الذين نزلوا إلى النهر للسباحة وعند خروجهم قاموا بعد أنفسهم عدة مرات وكل مرة يجدون أن العدد ناقص واحد بسبب أن الذي يقوم بالعد ينسى نفسه. *ورغم رهق العيش وتردي الخدمات إلا أن بعض أحزاب المعارضة تمارس مع بعضها البعض حالة عدم العد أعلاه، فيخبروك بتجميد عضوية خمسة أحزاب من ضمن عضوية تحالف قوى الإجماع الوطني نسبة لمشاركتهم مع قوى نداء السودان في اجتماعاتهم وإقامة تكتل تنظيمي يقوم على هيكلة وبرامج، للعلم أن قوى الإجماع هذه خاطبها الراحل نقد بعبارته الشهيرة (حضرنا ولم نجدكم). *ولا تنتهى الملهاة هنا، فانظر إذا شئت إلى كبير مساعدي رئيس الجمهورية السابق أركو مناوي وهو يطالب الإدارة الأمريكية بعدم رفع العقوبات عن السودان، وذلك عشية انعقاد مؤتمر عُقد في نيويورك في التاسع عشر من سبتمبر، ولم يقف عند هذا الحد، بل طالب بزيادة الضغوطات حتى يستجيب النظام لضغوطات المجتمع الدولي التي تأتي بمناوي مرة أخرى كبيراً لمساعدي رئيس الجمهورية (كأنك يا أبوزيد ما غزيت)، في إعادة لإنتاج نفس مشهد أبوجا التي لم تسمن ولم تغنِ من جوع. *وعلى الضفة الأخرى في الجانب الحكومي.. لا يخلو الأمر من نفس التصريحات السالبة التي تشبه تصريحات أركو مناوي، مثل الذي صرح بقفل الحدود مع دولة جنوب حال أنها لم تلتزم باتفاق الواحد والعشرين يوماً مع نائب الرئيس الجنوبي الجديد القاضي بإيقاف دعم الحركات المسلحة المناوئة للخرطوم، وما درى صاحب التصريح أعلاه أن الجهد الذي يُبذل في نيويورك من قبل وزير خارجية الحكومة البروفيسور غندور وثلة من رجال سودانيين لإيجاد حلول وتفاهمات يضع لهم العصا في الدولاب. *الشيء الذي يجعلك تدرك أن بعض أهل المعارضة وبعض أهل الحكومة يكافحون بقصد أو دون قصد لعدم حدوث أي انفراج في العلاقات بين السودان والولايات المتحدةالأمريكية، ربما غياب القراءة الصحيحة لما يحدث من تغيير في التعاطي الدولي مع حالة السودان، وقراء التاريخ يدركون أن هذا البلد حتى في زمان الاستعمار الإنجليزي لم يكن يتبع لوزارة المستعمرات البريطانية، بل إلى وزارة الخارجية، وحسب المراقبين أن تعامل السودان في قضايا مثل قضية جنوب السودان وفتح الحدود دون منٍ ولا أذى، والمساهمة في إيقاف تهريب البشر القادمين من قلب أفريقيا ليقضي بعضهم نحبه في مراكب المهربين في وسط البحر الأبيض المتوسط، والتوافق السوداني الخليجي في الآونة الأخيرة ليس بعيداً عن الأذهان، وربما عوامل أخرى لا تتسع المساحة لذكرها هنا. *لا شك أن تعويل المعارضة على المجتمع الدولي أصبح قليل الجدوى، ولا شك أن الأصوات النشاذ في الجانب الحكومى لا تدري مصلحة هذا الشعب في أن يظل تحت سيف عقوبات مُسلط عليه يمنع حتى التحاويل المصرفية للأشياء غير الخاضعة لقانون الحظر ويدفع الثمن مرضى السرطان في بلادي في تمثيل لقصة كتاب المطالعة.