*تفاجأت بأحدهم وهو يقود سيارته عكس اتجاه السير المحدد في أحد الطرقات الرئيسية بالعاصمة القومية الخرطوم، وزادت دهشتي وأنا أشاهد الناس وهي تسير غير مبالية بخرق السائق المستهتر لقواعد السلامة . *وقبل عدة أعوام توفي إلى رحمة مولاه مطرب شاب له جمهوره وقد حدثت الوفاة بدولة عربية شقيقة، ولبعض الملابسات مع شعور الحزن الطاغي الذي اعترى المعجبين نتجت حوادث تكسير لبعض بوابات المطار يومها من مجهولين. *ولا زلنا نذكر فيديو صراخ وبكاء المتهم بالسرقة الذي قبض عليه بعض الشباب وقاموا بتعذيبه باستخدام مسحوق (الشطة) في حادثة مؤسفة كتبت عنها يومذاك إنها (عدالة الغوغاء) وهي أخذ العامة ما يعتبرونه حقهم بيدهم متجاهلين وجود القانون والأجهزة المناط بها تنفيذه . *وآخر الحوادث حادثة تكسير معدات وأجهزة حوادث مستشفى أم درمان من قبل مرافقي أحد الشباب المصاب بعدة طعنات أودت بحياته، فثار المرافقون وقاموا بمهاجمة الأطباء وتدمير الأجهزة الطبية وتسبيب خسائر وصلت إلى حوالي 500 ألف جنيه حسب التقديرات الأولية، وخرجت علينا تبريرات الإهمال الطبي والإداري في المستشفيات الحكومية، وهذا أمر لا يحتاج منا لكثير إثبات، وكنا قد شاهدنا المطرب الشاب (أشول منوت) وهو طريح فراش المرض بمستشفى أبوعنجة في مشهد ينم عن كآبة المنظر وسوء المنقلب في الصحة، لكن كل ذلك لا يصبح مبرراً لأي تعدي لفظي، دعك من بدني. *وقبل بضع عقود كتب أحد ضباط الشرطة السابقين أنه أثناء جلوسهم وزملائه أمام قسم الشرطة، حضر أحدهم طالباً تسليم نفسه لتقضية عقوبة مقررة من قبل محكمة من المحاكم الأهلية أو ما يعرف (بمحاكم الُعمد) مما أصاب الضابط بالوجوم لهيبة القانون الذي يجعل مداناً يقوم بتسليم نفسه دون أن يحضره رجل شرطة. *المقارنة بين ذلك الزمان وما يحدث خلال الآونة الأخيرة من تعدٍ وخروج على القانون أو محاولة أخذه باليد يجب أن يكون مسار نقاش جدي لبحث هذه الظاهرة المستشرية ظاهرة (عدالة الغوغاء) وتراجع هيبة القانون لصالح الخروج على القانون وتقبل المجتمع لذلك الخروج عن القانون مشاركةً باليد كما في حالة مجموعة المتهم بالسرقة الذي تم تعذيبه بالشطة أو في حالة ال(80) شخصاً أو أكثر الذين تهجموا على حوادث مستشفى أم درمان تعدياً وتكسيراً للمعدات والأجهزة الطبية. *شعور البعض بعدم حسم القانون لمشاكلهم وكمثال قضية حاجة الزينة في مستشفى الزيتونة التي حمل أبناؤها لافتة على باب المستشفى تخبر بما اعتبروه إهمالاً جسيماً تعرضت له والدتهم، مثل هذا الشعور يجعل الثقة تنهار لدى المتلقي، والمتلقي غير الراشد يلجأ إلى عدالة الغوغاء وربما لا يتوقف الأمر على الأطباء، بل يتعداه إلى المجتمع ككل وتضرب الفوضى بأطنابها إن لم تعد للقانون هيبته ويأمن المجتمع شر الغوغاء.