علي الرغم من تصاعد وتيرة الأحداث السياسية والعسكرية في جوبا إلى مرحلة الغليان بعيد الإطاحة بنائب الرئيس السابق مشار من منصبه عبر الانقلاب الأبيض الذي خط سيره الرئيس سلفاكير على المشهد، مفرزاً لواقع سياسي جديد بدولة الجنوب، من خلال نسجه لخيوط اللعبة السياسية دون الاستعانة بغزل مشار في حياكة المشهد الجنوبي، إلا أن اللوحة المشؤومة التي أجاد يراع سلفاكير في تسطيرها لمعالم مشار الغاضبة عشية تسمية تعبان دينق في منصب مشار السابق، باتت تنذر الوضع الجنوبي بالخطر، لجهة تعنت حكومة جوبا في إشراع ذراعيها لاحتضان مشار الذي يمم وجهته شطر الخرطوم، عبر استراحة محارب للاستشفاء بمشافيها بعد سهام اليأس السياسي التي انتاشت الرجل، نتيجة عدم جنوح غريمه سلفاكير نحو التزامه بتنفيذ مخرجات الوساطة الإفريقية «الايقاد» للسلام الجنوبي الجنوبي القاضي بإرجاع مشار إلى منصبه المفقود * تحالف مشار وأكول لكن عزم مشار بتحديده لوجهته السياسية التي يبتغيها في المرحلة الحالية من خلال مساعيه لفك شفرة التعويذة «النويرية « في كيفية وصوله إلى مقعده الدستوري، عبر أمواج نهر الجور إلى جوبا بعيد إعلانه الحرب على حكومة الجنوب، جعلت من رفيقه وزيرالزراعة السابق بالجنوب د. لام أكول أن يمتطي ذات الموجة، بعد رسمه لشراع مركبة معالم واضح نحو قصر سلفاكير وإفصاحه عن تشكيلة لحركة معارضة جديدة، كاشفاً عن اعتزامه إسقاط حكومة الجنوب بعيد تكوينهم لتحالف المعارضة المسلحة الذي يجمعه مع مشار من أجل تحقيق الأهداف التي يصبو إليها * إدمان المعارضة وقبل أن تشرع جوبا في وضع الحصان أمام العربة عبر لهجة الاستهجان التي حملتها للأمر، سعى سفيرها بالخرطوم ميان دووت إلى فك اللغز الذي جمع مشار بأكول عبر خطواته التي سلكها للتقليل من شأن التحالف المعارض الذي يجمعهم ضد حكومة بلاده، كاشفاً قيامهم برصد كل التحركات التي يعتزم أكول ومشار الوصول إليها من خلال تحالفهم، وإعتبر دووت في حديثه ل(آخر لحظة) أن كلا الرجلين مشار وأكول أدمنا الخروج عن طوق الحاكم من خلال نفضهما للعديد من الاتفاقيات السياسية التي كانا طرفا فيها مع سلفاكير، ومضى دووت بالحديث إلى أبعد من أسوار الجنوب، حينما دمغهما بالمتسبب في انهيار اتفاقية الخرطوم التي كانت بينهما و الحكومة المركزية في مطلع التسعينيات * انتهاز الفرصة ورغم تأكيدات «دووت» بعدم انزعاج بلاده من تحالف المعارضة الجديد، إلا أنه أبدى استغرابه من إعلان مشار الحرب على بلاده من من الخرطوم، وذات التساؤلات التي حملتها كراسة سفير الجنوب بالخرطوم سعى للاجابة عليها وزير الخارجية البروفسير إبراهيم غندور في تصريحات صحفية قال فيها: إن الخرطوم لن تكون منصات للهجوم على جوبا، وفي ذات السياق لم يبتعد الخبير الدبلوماسي السفير السابق بالخارجية الطريفي كرمنو بحديثه عن الأحاديث التي رمى إليها غندور، بيد أن كرمنو جزم بعدم وجود ما يؤدي إلى جوبا بالانزعاج من الخرطوم عشية إيواءها لمشار، مستشهداً بالصبر الذي أولته الخرطوملجوبا لجهة توفيرها المقار لقادة الحركات، كفيل بجعل جوبا تبدي الصمت حيال ما يحدث حالياً على صعيد تحالف مشار ولام أكول، مفسراً الخطوات التي شرعها لام كول في تاسيسه لمعارضة ائتلافية مسلحة مع مشار، بمثابة انتهازه الفرصة المناسبة للانقضاض على السلطة بعد مراقبته للشاطي لمعرفة أين سترسي «المركب» * فرص النجاح وانقضاض الرئيس سلفاكير على المشهد السياسي وقلبه ظهر المجن لمشار عقب تحويله المسار السياسي إلى بؤرة من التناحر حول السلطة، بما يجعل الخاسر والكاسب سيان، لكن الخبير الأمني مدير جهاز الأمن الأسبق د. قطبي المهدي ألمح إلى وجود ضوء خافت في نهاية الممر الرابط بين سلفا ومعارضيه، من خلال إشارته التي بعث بها في اتجاه أن تحالف مشار وأكول تم نتيجة استمساكهما باتفاقية السلام الإفريقية للجنوب، ماضياً إلى تقليل فرص نجاح التحالف عسكرياً وأمنياً على خلفية المجهودات التي بذلتها الوساطة الإفريقية في تحييد دول الجوار الجنوبي من الدخول ضمن الصراع الجنوبي، وزاد بالقول إنه من هذا المنطلق فإن التحالف سيواجه شبح الامدادت اللوجستية، لكنه في ذات الصعيد عزز من فرص نجاح التحالف علي المستوى السياسي بعيد تطويقه لذاته باتفاقية السلام الجنوبي *تعقيد للاوضاع وفي ذات البركة الجنوبية الضحلة رمى أستاذ العلاقات الدولية بالاسلامية د. راشد التجاني بحجره حينما اشار بالقول إن تحالف مشار وأكول كان متوقعاً من أجل صناعة قوة سياسية عسكرية كبيرة ومؤثرة، لمجابهة القوات الحكومية لكن راشد ألمح إلى أمكانية أن يعقد هذا التحالف الجديد الأوضاع الملتهبة في الجنوب إلى أكثر مما هي عليه.