حضرنا إلى مبنى المجلس الوطني في وقت مبكر، لتغطية فعاليات الجلسة الافتتاحية لدورة الانعقاد الرابعة للهيئة التشريعية القومية، بعد إجازة امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر .. والمتابع للإجراءات التي يتخذها البرلمان في مثل هذه المناسبة يجد أن هناك اختلافاَ كبيراً عن الجلسات الافتتاحية السابقة، ابتداءً من التأمين والإجراءات الأمنية التي كانت أكثر تشديدا عن سابقاتها، وانتشار أعداد كبيرة من أفراد الشرطة العسكرية على امتداد سور المجلس الوطني بالخارج وداخل البرلمان حتى باب القاعة وماحولها، وكان من المعتاد في افتتاحية الدورات السابقة أن تلك المهمة كان يقوم بها أفراد جهاز الأمن، كما انتشرت عربات التأمين تحيط بالمبنى من كل الاتجاهات. ترتيبات مبسطة الأمانة العامة للمجلس الوطني كانت دائماً ماتحرص على أن تكون الترتيبات لمثل هذه المناسبة كبيرة وفخمة، والصرف عليها كبير، ولكنها اختلفت هذه المرة قليلاً حتى تظن من الوهلة الأولى أنها جلسة برلمان عادية، وتلاحظ غياب البساط الأحمر الذي انحصر فقط في درجات السلم و(الموكيتات) التي تنتشر في كل أرضيات المجلس وأمام مكاتب اللجان حتى النافورة التي كان صوتها عالياً، لم يتم تشغيلها في هذا اليوم، واكتفى المنظمون بتوفير الضيافة المعتادة للضيوف فقط، كما حرصت عاملات شركة النظافة على إطلاق البخور الذي أصبح ملازماً لكل جلسة افتتاحية . داخل القبة بدأت جموع نواب الهيئة التشريعية وأعضاء الجهاز التنفيذي تتقاطر نحو البرلمان منذ التاسعة والنصف، وحرصوا على الدخول مبكراً إلى القاعة، إذ أن الزمن المحدد لدخول الرئيس الحادية عشرة، وظلوا يتبادلون التحايا والتهاني بعيد الأضحى والسنة الهجرية الجديدة، إذ أن إجازة المجلس امتدت لأكثر من ثلاثة أشهر . غياب السلك الدبلوماسي في كل جلسة افتتاحية كان يحرص قادة المجلس على دعوة رجال السلك الدبلوماسى والسفراء بالبلاد لحضور الجلسة، وعلى غير العادة ظلت الشرفة المخصصة لهم خالية تماماً، ولم يشرفها أحد، ويظل السؤال الذي يطرح نفسه لماذا غابوا؟ أو لماذا لم تتم دعوتهم؟ فيما حرص مساعدو الرئيس الثلاثة إبراهيم محمود والعقيد عبد الرحمن الصادق المهدي وموسى محمد أحمد، على أن يكونوا حضوراً بجانب رئيس القضاء والمحكمة الدستورية ورؤساء البرلمان ومجلس الولايات السابقين. البداية عندما أعلن الحاجب وصول الرئيس لقبة البرلمان كانت الساعة تشير إلى الحادية عشرة إلا خمس دقائق، ودلف رئيس الهيئة التشريعية مباشرة بعد القرآن الكريم للترحيب بالرئيس وأعضاء هيئته وتهنئتهم بالعام الهجري الجديد، وقال بالأمس أهل العام الهجري الجديد ونتمنى أن يطلع بدرنا من جديد، ويؤلف بين قلوب أهل السودان، وأثنى على دعوة الرئيس للحوار الوطني، ووصفها بالفكرة الصائبة والمباركة للم الشمل، وقال إنها أثبتت أن الدولة تملك زمام المبادرة في أصعب الظروف، ومواجهة التحديات، معلناً استعداد الهيئة التشريعية لتحويل بنود وثيقة الحوار الوطني إلى نصوص دستورية. تكهنات صدقت تكهنات بعض الصحفيين بأن خطاب رئيس الجمهورية أمام الهيئة التشريعية لن لم يحمل أى مفاجآت، وربط ذلك بالمؤتمر العام للحوار الذي سينعقد في العاشر من أكتوبر الجاري، واكتفي البشير في خطابه بتقديم تقريرموجز عما تم إجازته في الفترة الماضية، وبعضاً من ملامح خطة الحكومة للعام 2017م، وبدأ البشير خطابه بمحور السلام والحوار الوطني، وأكد حرصه على مشاركة الجميع فيه، وأعلن أن أبوابه مفتوحة لكل من يسعى لتحقيق السلام والاستقرار، وترحيبه بانضمامهم للوثيقة الوطنية ومشاركتهم في الحوار، وطاف البشير في خطابه بالعديد من المحاور المتمثلة في الاقتصاد والسياسة الخارجية والعدل والصحة والتعليم والثقافة والرياضة، وكشف عن الخطط الموضوعة لكل محور.. وفي المجال الاقتصادي أكد أن الخطة الثالثة للاستراتيجية الربع قرنية تهدف إلى تحقيق زيادة الانتاج والانتاجية في كافة القطاعات، وقال إن الدولة تسعى خلال الموازنة القادمة إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي عبر سياسات رشيدة، وأضاف نتطلع إلى زيادة استعادة النمو الاقتصادي بوتيرة عالية ومستدامة . مقاعد شاغرة تلاحظ غياب عدد مقدر من نواب البرلمان، حيث ظلت عدد من المقاعد شاغرة إلى نهاية الجلسة. تحية علي عثمان النائب الأول السابق للرئيس علي عثمان محمد طه حضر قبل عشر دقائق من بداية الجلسة، وحرص على مصافحة جميع النواب المجاورين لمقعده في الناحية الجنوبية للقاعة . هروب الوزراء غالبية الوزراء خرجوا من الناحية الغربية للبرلمان، في الوقت الذي كان ينتظرهم النواب أمام باب القاعة لأخذ التصريحات منهم وعلى رأسهم وزير الخارجية بروفسور إبراهيم غندور.. صيام الطاهر رئيس البرلمان الأسبق محمد إبراهيم الطاهر ظل متمسكاً بصمته عن الحديث للصحافة وقال في رده على (آخر لحظة ) حول الأمر أصبروا أصبروا سنة سنتين.