غادرنا العاصمة التركية انقرة صباحاً متجهين إلى مدينة قونيه جنوب غرب تركيا، وهي من أقدم المدن التركية، كانت عاصمة الدولة السلجوقية، التي دمرها الغزو المغولي، والسبب الثاني لشهرة المدينة أنها مقر السيد /جلال الدين الرومي أو مولانا كما يطلق عليه أهل مدينة قونيه(عليه الرحمة)، وكونها مقرا للرجل ومركزا لطائفته الدينية، جعلها هذا الأمر تتأثر بروح وفلسفة طائفة الدراويش المولوية، والسبب الثالث إنها مسقط رأس البروفيسور أحمد داود اوغلو رئيس الوزراء الاسبق المفكر والكاتب والأستاذ الجامعي صاحب أطروحة (صفر مشاكل مع الجيران)الذي ساهم في نهضة تركيا الحديثة، والذي انزوى عن المشهد العام قبل فترة قليلة وتلك أعاجيب السياسة ترفع وتضع اكرم وفادتنا البروفيسور فكرت العالم في مجال الزراعة والبيئة ورئيس المحمع البحثي بحامعة سلجوق، ورافقنا في مقابلة نائب والي ولاية قونيه الذي لم يبخل علينا بشرح طريقة الحكم الفيدرالي وأن الوالي يتم ترشيحه من قبل مجلس الولاية، ويقوم رئيس الوزراء باعتماده وتعيينه، لكن البلديات خدمية ليست لها علاقة بالسياسة، قابلنا مدير جامعة سلجوق بروفيسور مصطفى شاهين الطبيب الجراح الذي تحدث بحب عن السودان وأهله، شرح لنا أن ميزانية الجامعة 200 مليون دولار سنوياً، وبها عدد من الكليات ولديها قناة تلفزيونية وصحيفة، واذاعة، وتتبع لها مستشفى تعليمى يحتوى على 850 سريراً وعدد 21 غرفة عمليات وأن عدد المرضى الذين يستفيدون من خدمات المستشفى 100.000 شخص خلال الشهر وعدد طلابها 96،000 طالب عدد الطلاب الأجانب بالجامعة 1600 طالب، البروفيسور سيحضر لزيارة السودان قريباً لبحث أوجه التعاون الأكاديمي، ترتبط أجزاء من تركيا بالقطار السريع الذي استقللناه من قونيه إلى استانبول، القطار سار بنا بسرعة 265 كيلومتر في الساعة حتى وصلنا الى المدينة الثانية في تركيا، يقع نصفها في قارة آسيا والنصف الآخر في قارة أوربا، وحتى أرقام الهواتف تتغير مفاتيحها بين جزئي المدينة، اللذين يرتبطا بثلاثة جسور ونفق للقطار يمر تحت مياه مضيق البسفور، الذي يربط بين بحر مرمرة والبحر الأسود، ويعتبر البسفور أكثر الممرات ازدحاماً. عدد الذين يقيمون في استانبول 14مليون شخص، وهي ثاني أكبر مدينة في العالم، واستانبول مدينة يختلط فيها عبق التاريخ بالحداثة الأوربية، فهي مقر الخلافة الإسلامية أيام السلطنة العثمانية، ونجح الأتراك في حفظ تاريخهم وآثارهم وقصور السلاطين، شاهدنا قصراياصوفيا الذي كان كنيسة وتحول الى مسجد والآن متحف، وزرنا مسجد الصحابي أبو أيوب الأنصاري الذي استشهد على مشارف القسطنطينية في 674م، وهناك مسجد السلطان أحمد الذي يعتبر اية في المعمار الإسلامي والفخامة، وقد زرنا بانورما تاريخية مصممة في قبة سماوية وبأبعاد ثلاثية الأبعاد توضح معركة فتح القسطنطينية بواسطة السلطان محمد الفاتح، المبنى قام بتصميمه 8 فنانين، وهم على استعداد لتنفيذ مثيلاً له في الخرطوم يجسد معركة الملك تهارقا أو فتح الخرطوم أو معركة شيكان. كم من فرص للتعاون والاستفادة من تركيا لم نستغلها حتى الآن، واكتفينا بمحلات الستائر والمطاعم وصناعة طوب البلوك.