يسود إعتقاد خاطئ لدى شرائح كبيرة في اقليم دارفور في محافظاتها القديمة والحديثة أن الحكومة أصبحت حليفاً استراتيجياً للعرب على حساب غير العرب ويستدل بعضهم على ذلك بالمحادثات والمفاوضات التي جرت بين د. ابراهيم غندور/ مساعد رئيس الجمهورية آنذاك.. وبين السيد/ موسى هلال في الجنينة. العرب من جانبهم في الإقليم المأزوم أصبحوا في خندق واحد مع الحكومة وغير العرب يعتقدون ان الحكومة تتحالف معهم ولا شك أن الحكومة سعيدة جداً بهذا الجو العام الذي بات واضحاً لكل ذي بصر وبصيرة. ولم يشهد تاريخ دارفور الحديث حرباً على أساس هذا الاستقطاب الحاد كما تشهده هذه المرحلة قبل الاستفتاء حول الولايات الخمس أو العودة للإقليم ولو دخلت مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها أبناء دارفور يومياً لوجدت أن غالبية ما يسمى بعرب دارفور باتوا يعتبرون بما يسمى بغير عرب دارفور عدوهم اللدود والرئيس في المنطقة، وكذلك غير العرب باتوا يحاربون العرب كعدو. ما حدث في دارفور يحدث الآن بين الشيعة والسنة فالشيعة باتوا يعتقدون انهم اصبحوا مع أمريكا في خندق واحد ضد السنة على ضوء تشجيع أمريكا لتغلغل وتمدد ايران، والسنة بدورهم لديهم انطباع بأن أمريكا تتحالف مع المذهب المعادي لهم، وأن أمريكا سعيدة أيضاً بهذا الدور الذي يخلط الأوراق. لقد تحولت مواقع التواصل الاجتماعي كما في مشكلة دارفور إلى ساحة حرب بين المذاهب الشيعية والسنية ولو ألقيت بالاً إلى الردود والعبارات بين عربها وغير عربها في دارفور لخرجت بانطباع مخيف ومرعب ولعلمت إلى أي هوة وصلت حدة الصراع في دارفور وحدة الصراع المذهبي بين السنة والشيعة. السؤال متى يفهم أهل دارفور عربهم وغير عربهم والسنة والشيعة أن كليهما وقود لعبة كبرى هم فيها مجرد احجار شطرنج، حتى يعلم السنة والشيعة أن أمريكا واسرائيل لا تفضل مذهباً اسلامياً على آخر إلا بقدر ما يخدم مصالحها مصالحها هي وحدها حتى لو قتل الشيعة والسنة معاً وحرقوا بلادهم وثرواتهم، متى يفهم أهل دارفور وأهل الشام جميعاً سنتهم وشيعتهم أنهم امام القوى الكبرى سواء، لا فرق بين عربي وغير عربي أو شيعي أو سني إلا بقدر ما يخدم مصلحة تلك القوى. متى يدرك المسلمون بشتى مذاهبهم وتوجيهاتهم كافة بالنسبة للآخرين أنهم أرهابيون، مصاصو دماء، ضالة، يريدون تدمير الحضارة الإنسانية متخلفون ارهابيون، متشددون، عندما يتغوط الضابط الأمريكي على القرءان الكريم في قوانتنامو لا يميز في تلك اللحظة القذرة بين شيعي وسني أو بين ايراني وسعودي، أو بين آية الله والمفتي المصري أو السعودي، يا جنود الله من السنة والشيعة إن اعداء محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم هم أعداء الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه وقنابلهم وطائراتم بطيار أو بدونه لا تفرق بين الشيعة والسنة. يا أهل دارفور وكلهم مسلمون سنيون، يا أهل الشام سنة وشيعة، ليس المسلمون وحدهم فرقاً ومذاهب شتى، فالنصارى ينقسمون إلى عشرات الطوائف والفرق والمذاهب (ولديهم اثنا عشر إنجيلا مقابل قرءان واحد لدى المسلمين) ، غير أنهم في وقت الشدة يقفون صفاً واحداً وكلهم يتجه إلى القبلة الواحدة "الفاتيكان".. وهي ليست دولة داخل دولة– كما يقال - وإنما دولة داخل مدينة، واليهود كذلك. متى سمعتم أن يهودياً تحالف مع مسلم ضد يهودي، متى تحالف نصراني سواء كان بروتستانياً أو كاثوليكياً أو انجلينكانياً ضد أخيه النصراني؟ هل يقبل أي يهودي أو نصراني أن يكون أداة طيعة في ايدي المسلمين كي يقتل نصرانياً امريكياً أو يناصبه العداء؟ فلماذا يقتل بعضنا بعضاً على المذهب أو الطائفة ونخوض معارك ارضاءاً لغاياتهم ومخططاتهم؟ متى تكبر عقولنا وتنضج وتتوقف عن خوض معارك الآخرين بدمائنا ولحومنا الحية