انشغل الرأي العام، المحلي والعالمي، بعصاية الأخ مهدي ابرهيم التي اختفت، أثناء غمْدةٍ له داخل البرلمان.. فلا تسأل كيف ينام المهموم بتطبيق شريعة السماء في الأرض، ولا تسأل كيف رضي زاهِد متقشِّف، بتفتيش واستجواب مُرتادي البرلمان، بحثاً عن (مِطيرِق)، وجدها أم لم يجِدها!! الأخ الكريم، أضاع تِلت السودان، ومافي زول سألو، ولما تروح مِنو عصاية، يقوم (يتوِّر) نَفَسْ البلد وأهل البلد!! النميري في زمانه، كان عِندو عصاية أحسن من دي، أهداها له الشريف محمد الأمين، ومُعمّر القذافي مش كان عِندو مِطيرق وبس، القذافي كان عِندو مُسدس من الذهب الخالص، مختوم بكادوك أفريكاني، أصلي بِلادو، وبرضو ما نَفَع.. وكلّو ما جاب مريسة تام زين! بكم هذه الحدّاسة، التي قيل إنها نفيسة جداً، كم تُعادل في مقابل الأرواح التي أُزهِقت، والدماء التي سالت، وكم تُعادل في مقابل الإحراج الذي اكتنف عشيرتك التنظيمية التي تحتكر جمعية السودانيين التأسيسية؟ عصاية المهدي ودّ أبراهيم، تذكرني بحُوّار شيخنا ود الكرسني، الذي دعا على سارِق عصاه بقوله: ( يا يابا ودّ الكرسَني، الشّالا يرقُد وينتَني، ويتكبّ كبّ السّنْسني). السنسني، هو عجين المريق، المُخمّر للعُواسة! تخيّل مِطيرق، في مقابل زول، يكبّوهو فوق الصّاج! عصاية الأخ مهدي ود أبراهيم، تذكرني بِمسدار المِطيرق.. يقال إن الحاردلو كان على موعد، مع زولة (بيدورا بلحيل)، اسمها الرّوضة بتّ السُّرّة.. ذهب الحاردلو إلى مكان اللّقاء، لكنه غفا منتظراً قدومها، عندما وصلت الرّوضة، ووجدت الحاردلو نائماً، لم توقظه، بل رجعت بعد أن أخذت عصاه، كتأكيد لحضورها، فأنشد الحردلو، مسدار المطيرق، وجاراه فيه صديقه عِبْد الله، بمجادعة هي أقرب للمسرحيات الشعرية.. قال الحردلو: ( ذِكْرَتِي بالبنَات لا عِنْ مُصوّع فاحتْ / ضايِق غُلْبهِنْ من شَينتِنْ بِتّاحتْ / جدِع ودْعتِنْ باللّيم علي مَا طَاحتْ / هَبَرتْ كفَّتِي، وعقب المِطيرق راحت)! يندب الحاردلو حظّه مع غواية بنات حواء، ويقول إن الناس، حتى مصوّع، سمعوا بسوء حظّه معهنَّ، فلا (جدعة الودِع) تقع في نصيبه، ولا يأمن كذلك، ضياع عَصاه! وقال له صديقه عِبْدالله مداعباً: (أصْبحت المِطيرقْ في نَعيم وسَروره / وإتّ النّوم عَبدتّو وما قريت لكْ سُوره / سَاعتين إن صَبَرْ كُتْ تحْظى بالبتْدُورا / سَعَدكْ إن رقدْ، ما بجبرْ المَكسورة)! تذكرني عَصاية مهدي ودّ أبراهيم، بعِصي هذا الزّمان الشين.. تلك عصاية، شكلها فيها مِحاية، لأن طبع زمانهم، مربوط بالأناطين.. كان الظن أن تقتصر هرشة العصا، على القادة الكبار، لكن على عهد نيابة الأخ مهدي ود أبراهيم بالبرلمان، أصبح للمطيرِق تأثيرها الواضِح، على المستوى التشريعي، أسوة بأهل السيادة، وأسوةً بأهل المناصب التنفيذية، الذين يتبارون في تشفير أعدائهم، ويتسابقون في تأمين أنفسهم بطرائق قِددا! كل زول من جماعتك ديل، عندو فَقيرو.. كل واحد فيهم شايل عصايتو، أو رابِط حِجابو.. كل زول عِندو كادوك أقوى من التاني! الوزراء شغالين بالمِحاية، والبرلمانيين شغالين بدمغة الفكي، وللوزراء أيضاً عصيِّهم وحِبالهم! عمليات الإستجواب لأي وزير أمام البرلمان- خاصة إذا كان وزيراً من القطاع الاقتصادي-تتحوّل إلى معركة إحيائية، أي :(حديد يلاقي حديد)! ليس أهل الدستور وحدهم، بل أهل العشق أيضاً، يا ود أبراهيم، يحتاجون لعلوم الحِكمة من أجل التسليك العاطفي،، وكما يقول المُغني: (أقروا ليها يالفقرا)! أخيراً بلغنا أن مِطيرق الأخ مهدي عادت إليه، لأنها أساساً أساساً، (مُؤمّنة) ولا يستطيع أحد سرقتها أو التصرُّف فيها..! تُرى، لو امتلكت المُعارضة هذا النوع من الرّتينزات، هل تستطيع استعادة شيء من المسروقات، خاصة تلك المُضمّنة في تقرير المراجع العام؟!