أذكر أنني بحكم عملي السابق كأول مراسل لقناة الجزيرة ثم لقناة أبو ظبي في جنوب شرق آسيا انطلاقا من العاصمة الماليزية كوالالمبور ... قد أعددت وقدمت تقارير تلفازية مصورة عن "أندية المطلقات" بماليزيا ، وكيف أن المطلقات يلبسن زياً موحداً عند اجتماعهن في المساء في نواديهن ويتبنَّيْن نهجاً صارماً من "البروتوكولات" والنظام الذي تعارفن عليه وارتضينه في سبيل المصابرة لمكابدة الحياة ، إذ يرفضن الاستسلام لمشاكلهن مهما تراكمت ويعملن جاهدات لإيجاد إمكانية لحلها في ظل تذمرهن من "سطوة الرجال" غير المبررة وفقاً للظروف التي تمليها "الحياة الجديدة" بمتغيراتها المتسارعة وكيف أن عدد النساء في كوالالمبور أضعاف عدد الذكور وذلك نسبة لهجرة الإناث من القرى إلى المدن للعمل في المكاتب والمصانع والمؤسسات الحكومية ودور التعليم وغيرها بحكم الطفرة التنموية الاقتصادية والصناعية التي شهدتها ماليزيا منذ أوائل الثمانينات بعد تولي الدكتور مهاتير محمد - الطبيب العبقري - رئاسة الوزراء ، والذي برع في القيادة الهادئة بعيدة النظر ، والإبداع الإداري بصورة سابقة وحقق نجاحات باهرة في النهوض ببلاده بخطىً ثابتة ووثَّابة حتى أذهل الجميع ، وانتزع استحسان المناوئين له قبل الموالين . وما يهمنا هنا هو أسباب ظاهرة أندية الطلاق تلك ، وهل لسطوة المرأة ونفوذها المادي من خلال استقلاليتها العملية كما يرى البعض دور في عدم رضا كثير من الأزواج كما تقول إحداهن ؟ وهل مجيئ المرأة إلى بيتها مرهقة آخر اليوم جراء ساعات العمل الطويلة قد يكون فعلا على حساب تربية الأبناء وراحة البال كما يشكو ويتبرم بعض الرجال ؟ وتتساءل إحداهن ما ذنب الزوجات العاملات حتى يتذمر بعض الأزواج ويلجأوا إلى الطلاق في غمرة تسرعٍ غاضب وغير منصف ؟ وما أثر ذلك على الأبناء عند فترة الخصام وبعد الطلاق ؟ ومنهن من يرى أن أسباب طلاقهن لا صلة لها بالتطورات الأخيرة التي تشهدها البلاد وإنما كانت قدراً مقدوراً بحكم انتفاء أواصر التفاهم والمودة بين الجانبين ، وهن راضيات بما أراد لهن المولى عزَّ وجل . وتذهب أخريات ليرَيْن أن من أسباب الطلاق أن بعض الرجال يؤثرون حب التسلط والانفراد بالرأي ، وتتكشف رغبتهم "الخسيسة" في الزواج من أخريات وهو ما يثير حفيظتهن ويبدأ الشجار المتصل الذي ينتهي بالقرار والمصير الحزين ويتعاطف أكثر الناس معهن بطبيعة الحال حتى وإن كان بعضهن سبباً مباشراً في الانفصال عن أزواجهن مع أنهن يُلقين اللوم عليهم بإصرار ولا يُبالين ! والسؤال هل أندية الطلاق تلك تساهم حقاً في حلول مرضية عاجلة أو آجلة للطرفين في بعض الحالات مثلا ؟ أم هي مجرد مكان لتجمع النساء المطلقات أو ما يعرف ب "الوحيدات" Single women لتقاسم الرؤى من منطلق المؤانسة وتمضية الوقت والتعاون فيما بينهن في أمور عملية أو اجتماعية ؟! ولا ريب أنهن يرفضن بشدة أن يكون الطلاق مصدراً لتدمير حياتهن من خلال الإنزواء والانغلاق ، فالحياة عندهن "كفاح متصل" وهذا من شعارات الناس التي يؤمنون بها هنا ، فهم لا يعرفون اليأس ولا الكلل ... بل إنما "عنفوان الشباب" يبدأ بعد سن الستين كما يجزم أكثر القوم في الشرق الأقصى في ثقةٍ واطمئنان !!! كوالالمبور