ü لا أحد يساوره الشك أن الإمام الصادق المهدي حفيد المهدي الأكبر هو من الرموز السياسية التي تركت بصماتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي.. وأن الإمام الصادق يتمتع بميزات متفردة تكاد تكون معدومة عند الكثيرين.. فالرجل سياسي محنك ويمتلك ناصية الكلام ويجيد الخطابة بلغة مليئة بالعبارات والجمل الموضوعية.. هذا بالإضافة إلى إرثه التاريخي الذي ورثه من عائلته التي كان لها باع كبير في مناهضة المستعمر وإخراجه من السودان.. والرجل وجه مشرف يمثل السودان في كل المنتديات الإقليمية والعالمية، وحصد من الجوائز العديد كواحد من أفضل الرموز السياسية العالمية. ü الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي.. الحزب صاحب الأكثرية والدوائر الانتخابية التي فازت في كل الانتخابات البرلمانية التي أجريت في البلاد منذ عام 1956م.. والرجل اعتلى منصب رئاسة الوزراء أكثر من مرة ولعل آخرها حكومة أبريل 1985م التي جاءت بعد زوال الحكم المايوي.. وحتى 1989م مجيء نظام الإنقاذ.. وفضل الرجل أن يأخذ طريق المعارضة ومناهضة النظام وحتى اليوم، وهذا من حقه بحسب رؤيته السياسية التي تقول إن حزبه كحزب له الأغلبية من المفترض أن يكون على سدة الحكم في البلاد. ü وعلى مسيرة عقدين من الزمان لم يغير الرجل اتجاهاته السياسية، فهو يتمسك بالمعارضة ويأمل أن يستعيد حزبه حكم البلاد، ولكن بالرغم من التقلبات السياسية والاضطرابات في ديناميكية الأحزاب السياسية الأخرى المعارضة أن يؤيدوا وجهة نظره، مع احتفاظه بعلاقة متوازنة مع حزب المؤتمر الوطني ورموزه السياسية.. فالإمام الصادق المهدي يجيد لعبة التحالفات ولعل مؤتمر جوبا الأخير والذي يقول البعض إنه أحد مهندسيه، كان من أهم أهدافه هو اختيار شخص من الأحزاب المشتركة لتقديم البديل للبشير.. وهل رسمت بعض الترتيبات لشكل الدولة في الشمال أو الجنوب يعد الاستفتاء، لكن لاختلاف الرؤى بين الأحزاب والضبابية التي سادت الجو السياسي المضطرب الآن بالجنوب فشل المؤتمر بالخروج بتوصيات واضحة تعبر عن الأسباب التي عقد من أجلها.. والسؤال هل أصبحت الأحزاب الكبرى خالية الوفاض، ولأن الإمام الصادق سياسي ويعرف دروب السياسة الشائكة فهوعلى الفور يطلق من التصريحات للتشكيك في المؤتمر الوطني، ليسجل حضوراً سياسياً في هذا الوقت .. وبذلك يؤكد الإمام الصادق أن السياسة لابد أن تخلو من العداوات بل هي منافسة ذات شفافية. ü الحديث الذي أدلى به الإمام الصادق أمس الأول عن الأطاحة بالأنقاذ أو أعتزال العمل السياسي حديث يحتاج لوقفة، ويمكن أن يحمل معاني كثيرة وأسئلة عديدة تحتاج إلى إجابات شافية.. هل يقصد الإمام الصادق أن يقوم المؤتمر الوطني بتسليمه مقاليد الحكم..؟ ويعني ذلك بقاء الأوضاع السياسية كما هي حفاظاً على الوحدة بين الشمال والجنوب.. وكيف يكون ذلك في ظل الصيحات الجنوبية التي تنادي بالانفصال دون الانتظار لموعد الاستفتاء.. ؟أم أن قراءة الإمام للخريطة السياسية تقول إن الأحزاب السياسية ليست بالقوية وحزبه هو الأقوى،وإنه مؤهل لقيادة البلاد مرة أخرى ..؟ وهل سجلت الأحزاب الكبرى فشلاً ذريعاً في معارضتها لنظام الأنقاذ؟ وهل فوز المؤتمر الوطني بأغلبية ساحقة أفقد الأحزاب الكبرى ما تبقى من رصيدها الجماهيري.. ؟عموماً إن الأيام القادمة ستكشف لنا الخفايا والأسرار وراء تصريح الإمام الصادق.. ونحن على يقين أن الإمام الصادق لم يحالفه الحظ\ تصريحه الذي أطلقه أمس الأول مما جعل الكثير من المشتغلين بالسياسة يفكرون ملياً .. والجديد \ الأمر أن القوى الخارجية ومطرقات أوكامبو ساعدت على ذلك.