من حق أي شخص أن يحلم، ومن حق أي شخص أن يجاهر بأحلامه أو يسرها، ولكن بشرط أن تكون هذه الأحلام في حدود المنطق والمعقول، بمعنى ألا تضر المجاهرة بها مصالح آخرين وتبخس جهودهم وتضحياتهم، نقول ذلك بعد أن طالعنا أكثر من خبرت تقول إن الفنان الواعد محيي الدين أركويت وفنانة معروفة بصدد إنشاء قناتين فضائيتين، كلٌ بقناته التي تخصه.. وبالطبع هي أحلام مشروعة نتمنى جميعاً أن تحقق بحساب الأماني، ولكنها بحسابات المنطق مجرد رغبة مشروعة نرى أن المجاهرة بها تدل على استسهال الأمور، ولن نقول «استهبال».. باعتبار أن كثيرين ممن تنحسر عنهم الأضواء وبريق الإعلام يلجأون لمثل هذه الأخبار للفت الأنظار، ونحن نربأ بأنفسنا أن نتهم المذكورين، الفنان والفنانة، ولكننا نقول إن صناعة القنوات الفضائية ليست بالشيء الهين، ولا يعني قيام أربع قنوات فضائية سودانية أنها صناعة سهلة، فبحكم علاقتنا اللصيقة بأصحاب تلك القنوات وعلى وجه الخصوص قناة هارموني، فهي غير التكاليف المالية التي تقارب المليون دولار، تحتاج لأهل الخبرة والإدارة في مثل هذا العمل، وتحتاج لمبدعين بحق وحقيقة وليسوا موظفين، وتحتاج إلى سهر وتضحيات والكثير. إن حديث الفنان والفنانة المعنيين يصور للناس أن صناعة القنوات الفضائية من أسهل الأمور وأنه بمقدور أي شخص أن ينشيء أو يمتلك قناة، وأغفل هذا الحديث حقائق كثيرة كنا نتمنى أن يقدماها لنا، وبدءاً من الهدف والرسالة والكيفية التي سينشئان بها القناتين. لا نريد أن نكسر مجاديف أصحاب الطموحات.. ولا نريد وأد أحلامهم، ولكننا نريد أن نوضح أن الأحلام شيء، والتنفيذ شيء آخر.. ونريد أن نشير إلى تضحيات على حساب الأولاد والصحة وبذل الغالي والرخيص من الذين انشأوا لنا قنوات فضائية سودانية اقتحمت الفضاء واجتهدت كثيراً في عكس وجه السودان المشرق وإبداع إنسانه الذي لا مثيل له، وهم يستحقون منا الشكر والسند والدعم، على الأقل بالكلمة الطيبة، لا أن نبخس جهودهم باستسهال الأمور. هذا بالطبع مع أمنياتنا لمن يريد إنشاء قناة بالتوفيق والسداد، لأننا في حاجة للمزيد.. ولأن الفضاء يتسع لجميع القنوات، فنحن نسعد بأي نجاح يحسب للسودان.. وبأي ما من شأنه أن يعلي ذكره.