دخلت ستديوهات الإذاعة السودانية عام 1977 متدرباً ضمن برنامج قسم الصحافة والإعلام لتدريب طلابه الذى كان يعده فى العطلات الدراسية كمطلوب لاستكمال البرنامج الدراسي حيث يتدرب الطلاب فى الإذاعة والتلفزيون والصحف وأقسام العلاقات العامة برنامج التدريب شمل كل أشكال البرامج الإذاعية ولكنا كنا نجد الرعاية من الأستاذ حمزة مصطفى الشفيع رئيس القسم السياسي حينها وكان مكتبه عند المدخل الرئيس للمكاتب قبل سلم الصعود للطابق الأعلى . الإذاعة السودانية من يعمل فيها يمتع نفسه بجوها ومجتمعها ومحتواها قبل أن يمتع المستمعين وهذا هو سر الاستقرار الوظيفى الكبير لمن يعملون فى الإذاعة بالمقارنة مع وسائل الإعلام السودانية الآخرى لأنها أرست تقاليد للعمل وللعلاقات الإجتماعية منذ بداياتها التي انطلقت فى مايو 1940 لخدمة اهداف استعمارية ولكنها تحولت من بعد ذلك لخدمة الاهداف الوطنية وأسهمت مع الصحف فى تشكيل الوجدان السوداني ورغم ارتباط الإذاعة السودانية منذ نشأتها وحتى اليوم بالحكومة كجهاز رسمي يتبع لها إلا أن تقاليد العمل الاحترافي الإذاعي ظلت هى التى تقود مسيرتها واجتهدت اجتهاداً كبيراً فى أن تخضع أجندة السياسيين على تعاقب حقبهم وبمختلف نظم حكمهم لتقاليدها ومهنيتها . التطور الذى تشهده الإذاعة فى مجالات عملها المختلفة جاء نتيجة حتمية لجماعية العمل وروح الجماعة فيه فمستمع الإذاعة لايحس بأى فروقات وظيفية عندما يصله صوت الإذاعة فهو يعرف عبدالعظيم عوض والبزعي وصلاح التوم وانعام عبدالله وطارق البحر ومعتصم فضل والطاهر حسن الطاهر وجون ورقة والزبير عثمان ونجم الدين ومزمل حمد واخلاص على عبدالعزيز وانتصار عوض والطيب قسم السيد ومحمد عبدالكريم وطارق التوم ونادية اسحق وحسب الرسول كمال الدين وفوزية دانيال وشول دينق ولايهمه من المدير فيهم بل أن كل هؤلاء يشاركون فى خروج منتج واحد على الهواء يمتعه ويرضيه . أحسنت الإذاعة فى الاحتفال بسبعينيتها أن تدشن رقمنة مكتبتها من خلال 160 ألف ساعة فيها اعمال خالدة وأصوات قوية وفكر مضيئ وتطريب وترويح صنعه آلاف المبدعين على مدار السبعين عاماً الماضية وأحسنت الإذاعة إذ كرمت أبناءها من الإذاعيين والعاملين فى المجالات الإدارية والمالية وهو تكريم مستحق لكل من شملهم وفيه الكثير من الجهد فى الإختيار والإنصاف خاصة فى اختيار إذاعي العام الذي حصل عليه الإذاعي المتميز والمتطور مزمل سليمان حمد الذى أحب عمله وأخلص له فبكى زملاؤه فرحاً وسعد مستمعوه بتكريمه بهذا الاختيار الرفيع . وفي إحتفال الإذاعة بسبعينيتها يوم الأربعاء الماضي جاءت كلمات الأستاذ على عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية معبرة عن رضائه عن أداء أهل الإذاعة وعن تصديها لمسؤوليتها الوطنية وعن تعبيرها عن أهل السودان كافة وتمثل ذلك فى تعهده بمشروع خاص لتدريب العاملين للمزيد من تجويد الأداء وبناء القدرات وتنمية المهارات وهى لفته بارعة إذ الذى لايواكب التقنية والأساليب الجديدة فى العمل الإعلامي لن يستطيع أن يعطي ولن تصل رسالته الى مستمع ذكي وفر له العصر فرصا وخيارات يسهل عليه أن ينتقي منها ما يلبي حاجته ويشبعه . والرضا الوظيفي للعاملين يأتي من استقرارهم والبذل لأهل الإذاعة على عطائهم وطبيعة مهنتهم المؤثرة فى الرأى العام والمشكلة له تقتضي أن تكون شروط خدمتهم فى المقدمة وكما قال السيد نائب الرئيس المبدع لايتقاعد وهو أيضاً لايضيق عليه فيضيق صدره فينضب عطاؤه .