لو كان للوطن حق الانتماء والولاء.. فإن في الوطن بقعة نكن لها أشد إنتماء وولاء..! وبقعتي المصطفاة أجمل بقاع السودان.. وأكثرها اخضراراً وإشراقاً.. أهلها مترفون.. ويكمن ترفهم في أخلاقهم وخصالهم.. حتى أنعامهم أكثر عطاء وإلفة.. هي ولاية لا تدانيها في نظري أجمل ولايات العالم.. ففيها تحس بالراحة.. المسامحة والسماحة.. الطيبة والأصالة.. الرجولة والشهامة.. المروءة والنجدة.. بركتها في «عشا ضيف الهجعة» ديوانها يسع الجميع.. تكاياها تعج بالأقداح.. ومروجها الخضراء توعد بالعطاء لتعود على السودان بالنفع والخير الوفير..! ولاية الجزيرة.. مسقط رأسي.. ومهد أجدادي نسمة العز والكبرياء.. أتحسر كل يوم على انقطاع المد منها.. وأنا أرى مشروع الجزيرة تتشابى لوزاته وتتطلع نحو شمس تأبى أن تكمل الإشراق.. الترابلة يرفعون سواعدهم فلا يستطيعون ارجاعها، ليضربوا بها مناكب الأرض المعطاءة لتتفجر وعداً وقمحاً وتلاقي..! أثلج صدري حديث السيد الرئيس حين وعد بأن يعيد للمشروع رونقه وبهاءه..! إذاً ما لنا نحن وبترول الجنوب وفي الشمال الجزيرة الخضراء.. بمشروعها الذي غطاه تراب الاهمال، وآن الأوان أن ننفض عنه نكسات الزمن..! لِم لا والنيل العظيم.. ما تراجعت ضفتاه حزناً.. ولا ولعاً.. ولا زال يمد الجروف بسر الحياة..! لا مجال للبكاء على اللبن المسكوب وفي مراحنا لبن سائغ شرابه.. إذا فقدنا جزءاً من الذهب الأسود.. فالذهب الأبيض كله باقٍ.. لا داعي أن (نبعزق) ارتباكنا ونفقد اتزاننا.. ونزغرد لمخاوفنا لحدوث الانفصال، ونقف على عتبة التنبؤات ونبحث عن عرافة تضرب الرمال..! لا بأس أحضروا عرافتكم تلك وستقول.. خيراً وفيراً.. نعمة على النقمة.. عطية مع البلية.. الموارد متوفرة.. الطاقة البشرية.. الأمل.. الطموح.. إحياء الأرض البور «فما كان يمكن أن يعود ليكون». مشروع الجزيرة.. ومن بعده كل المشاريع الزراعية.. «الزراعة يا سادة.. الأميال البكر التي لم تمتد اليها أيدٍ تصطرع، في دواخلها رغائب البحث والاستزادة.. السودان بلد متاح المعطيات.. كثير الخيرات.. باذخ الثروات..! زاوية أخيرة: أنصفوا شمالكم من عنت التاريخ واستخرجوا كوامن درره.. واستوفوا آخر قطرة من رحيقه!!