عندما أعددنا خطة لإنشاء استديو تلفزيوني خاص بالأخبار والبرامج السياسية في عهد د. جمال الدين عثمان وبتكلفة مالية كبيرة وذهبنا بها للدكتور (الاقتصادي الإعلامي) عبد الرحيم حمدي وزير المالية وقتها.. ردنا على أعقابنا قائلاً: (لو عاوزين استديو في الخرطوم أنا ما عندي مانع لكن في أم درمان لا.. يعني لو عاوزين مسئول يجيكم كيف مع الكبري الزحمة ده؟ عشان يشارك في نشرة أو برنامج دقيقة أو دقيقتين عاوز ليهو ساعة كاملة عشان يصلكم) ونامت الفكرة.. حتى لا نقول ماتت.. حتى قيَّض الله لوزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء الأستاذ كمال عبد اللطيف أن نفّذ المشروع بصورة باهرة.. تلقيت بالأمس مهاتفة من مكتب كمال عبد اللطيف يدعوني للحضور لمجلس الوزراء عند الواحدة ظهراً ثم تلقيت رسالة قصيرة عدّلت الموعد للثانية عشرة ظهراً.. وذهبت في الموعد المحدد أو قبله بقليل ثم انضم إليَّ عدد من الصحفيين وافتقدت بشدة الأستاذ مصطفى أبو العزائم رئيس تحرير (آخر لحظة) ولم أجد فرصة لأسأل السيد الوزير وجاء الأستاذ عبد العظيم صالح متأخراً بعض الشيء فخفف ذلك من حدة السؤال الذي لا يزال قائماً!!. بأريحيته المعروفة وحماسه الطاغي هذا الرجل طعن في السن وصار (جداً) ولا يزال يتمتع بحيوية الشباب عيني باردة... كمال عبد اللطيف رحبَّ بنا في مكتبه وتناولنا عصير الليمون المحلى بالسكر وقد شجعت الأستاذ موسى يعقوب بأن سكر كمال عبد اللطيف منضبط ولا يؤدي إلى ارتفاع نسبة الجلوكوز في الدم باعتباره (سكر حكومة) بيسمع التعليمات مع أن الحكومة تسبب لنا في بعض مواقفها ارتفاع السكر والضغط وأشياء أخرى. أدهشنا كمال عبد اللطيف عندما فتح لنا باباً تضيء فوقه لمبة خضراء مكتوب عليها (ON AIR) مع أن شارة المنع ينبغي أن تكون (حمراء) حسب ما هو متعارف عليه دولياً.. لكن كمال جعلها خضراء لأن (كراعه خضراء) على مجلس الوزراء الذي جعل منه بؤرة نشاط لا ينقطع، دلفنا إلى قاعة مؤتمرات صحفية أجهزتها من اليابان ومقاعدها من فرنسا وتنفيذها بريطاني (أمم متّحدة) وبها أجهزة (فيديو كونقرنس) سماعات ومايكرفونات وترجمة فورية.. ثم غرفة تحكم CONTROL ROOM على أحدث طراز بنظام HD وكلها تعمل بالكمبيوتر ثم استديو رحب مجهز بنظام تكييف مركزي يتحكم آلياً في درجة حرارة الاستديو بنظام إضاءة باردة تمنع تساقط العرق من أوجه الضيوف والمذيعين وكاميرات مجهزة (بشاشات تلقين) برومتر..وكلها تعمل بالحاسوب.. وفريق شباب تلقوا تدريباً مكثفاً ومتقدماً على أيدي خبراء أجانب من شركة SONY التي استجلبت الأجهزة.. ثم إن الاستديو متصل بالإذاعة والتلفزيون بثلاثة نظم.. وهي وصلة ألياف ضوئية.. وصلة مايكرويف.. وجهاز تجميع الأخبار SNG والذي يعمل عبر الأقمار الصناعية. يعني أصبح لمجلس الوزراء (تلفزيون ملاكي) وحديث ودقيق ونقي الصورة وبذلك سيتمكن التلفزيون القومي من إنتاج برامج سياسية وإخبارية من مركز صنع القرار بمجلس الوزراء بتكلفة أقل ووقت أقل وجودة عالية.. وفي اعتقادي أن مشروع الحكومة الإلكترونية والذي بدأ تنفيذ خطواته الأولى منذ وقت قريب سيضيف له هذا الاستديو وملحقاته ومعداته قيمة كبيرة ونقلة واثقة في الاتجاه الصحيح. التحية للسيد الوزير الحاج كمال عبد اللطيف الذي لم يهدي إلينا (سبحة ولا طاقية) وبذلك (حجته ناقصة). السيد الرئيس قال ذات مرة وكان كمال عبد اللطيف مديراً لمكتبه بالمؤتمر الوطني قبل أن يذهب وزيراً للدولة برئاسة مجلس الوزراء (أنا كنت عاوز أجيب كمال مديراً لمكتبي بالقصر.. الجماعة كلهم إتجرسوا).. لابد أنهم يخشون حيوية كمال وكثرة حركته (وسرعة انفعاله.. وعلو همته.. وسرعته العالية وكهربته المقدمة). يا لطيف العفو والتخفيف من ناس كمال عبد اللطيف وهذا هو المفروض.