ü بعد الإطاحة بدكتاتور مصر السابق أخذت الأنظمة العربية التي جثمت على صدور شعبها عشرات السنين، ومشى الحكام على جماجم الثائرين من أجل التغيير لا من أجل لقمة الخبز والفاكهة، كما خُيل لبعض الحكام العرب من ملوك وأمراء وعقداء وأخذت في تقديمهم تنازلات كبيرة في الزمن بدل الضائع، ومن بين الأنظمة التي ثأرت شعوبها ضدها نظام العقيد معمر القذافي، وهو يبلغ «42» عاماً في السلطة ولا يزال يبحث عن مزيد من السلطة تلبيةً لرغبات الشعب الليبي!! ü حينما اشتدت وطأة الحصار الشعبي على حسني مبارك في مصر تفتقت عبقرية النظام المهزوم لخوض المعركة الأخيرة مع الشعب بآليات ووسائل تقليدية، حيث فشلت التقانة الحديثة التي تستخدمها أجهزة القمع المصرية في تشتيت شمل الثائرين، وجاء حسني مبارك (بالجنجويد) على ظهور الخيل التي معقودٌ على نواصيها النصر، حينما تُسرج الخيول من أجل الحق، وجاءت الأبل لميدان التحرير لتبطش بالثائرين، بيد أن الإرادة الشعبية لمصر كانت أقوى ليسقط مبارك في رابعة النهار ويختار الفرار لمنتجع شرم الشيخ لقضاء بقية عمر هناك.. وفي الاتجاه الثوري المتصاعد تفجرت الأوضاع في ليبيا التي أضاف زعيمها معمر القذافي لاسمها ألقاب وأوصاف فأصبحت جماهيرية وشعبية واشتراكية ثم عظيمة. ü واجه العقيد القذافي الثورة التي انطلقت من مدينة بنغازي شرق العاصمة طرابلس بعصاة غليظة وعنف غير مسبوق أثبتته التقارير الصحافية من ليبيا عن أرقام القتلى والجرحى الذين سقطوا في المواجهات.. وخرج على الدنيا نجل العقيد «سيف» القذافي، الذي نسب اسمه للإسلام فأصبح سيف الإسلام، بينما «هذا» السيف يهرف بحديث عن خطر الإسلاميين على الشعب الليبي إذا تمددت فصول المقاومة، وهدد «سيف» بحرب طويلة تمتد لأربعين عاماً إذا اختار الشعب المقاومة لإسقاط النظام.. وإذا اختارالشعب الليبي تربية أبنائه وتعليمهم والعيش الرغد فإن الزعيم القائد الخالد سيتخذ من الإجراءات والتنازلات ما يجعل ليبيا دولة رخاء ورفاء!! ü من قال لسيف القذافي إن الشعب الليبي خرج في تظاهرات بنغازي من أجل رغيف الخبز وتحسين الخدمات الصحية وتطوير العملية التعليمية في بلد متخم بالثروة النفطية.. لم يتذوق مرارة الجوع والحرمان مثل بقية شعوب العالم العربي المغلوب على أمره، لكن خرج من أجل التغيير السياسي المفضي لذهاب العقيد الجالس على رقاب الشعب الليبي لأربعين عاماً. ü استل القذافي سيف الحرب من أجل البقاء في السلطة، وأخذ في تقتيل الشعب الثائر بالدبابات والطائرات وحفنة من المرتزقة (الأجرية) لتصفية المقاومة الليبية والقضاء عليها في مهدها.. والعالم أمام مأساة مسرحها الأراضي الليبية.. حاكم يملك من القوة العسكرية والمال لشراء (ذمم) القتلة والسفاحين من كل أراضي الدنيا وتوظيفهم لقمع أبناء عمر المختار في بنغازي وقتل أشواق الحرية والديمقراطية التي هبت نسائمها على ليبيا من تونس الخضراء ومصر الكنانة.. ü إذا بقى الشعب الليبي في بيوته بناءً على طلب سيف القذافي، فإن مصير الذين ناهضوا القذافي وخرجوا ضده سيكون شديد الظلام، وإن حملات انتقامية من القذافي ومليشياته تنتظرهم، وإذا تمددت الثورة وتحدى الشعب الليبي الرصاص، فغداً (سيفهم) الذين ظلموا إلى أي منقلب آيبون!!