انتهت زيارة علي عثمان محمد طه نائب رئيس الجمهورية لولاية النيل الأزرق بطريقة فتحت الباب لأسئلة لا تنقضي.. غادر طه الدمازين وآلاف الجماهير حشدت في استاد المدينة في انتظار (كلمة) من النائب علي عثمان الذي يحظى باحترام وثقة في تخوم النيل الأزرق وجبال النوبة.. ويعتبر البعض وجود طه في القيادة العليا للدولة واحدة من الضمانات التي تعزز فرص التعدد الإثني والثقافي في الدولة القادمة للحياة في ما تبقى من السودان في 9 يوليو القادم.. اختار القصر الرئاسي الصمت ولم يفصح حتى لحظة كتابة هذه الزاوية عن الأسباب التي جعلت طه يغادر الدمازين بصورة مفاجئة وقبل أن يخاطب اللقاء الجماهيري الذي تم (تلغيمه) بشعارات مطلبية للحركة الشعبية الحاكمة في النيل الأزرق تطالب بالحكم الذاتي نظاماً للحكم ومن أجل ذلك حشدت القدرات والإمكانات وتمت تعبئة القواعد لتجيير المشورة وتحريف منطلقاتها وأهدافها من أخذ رأي السكان في المنطقتين بشأن ما تم إنجازه في الفترة الانتقالية من مشروعات تنموية إلى اعتبار المشورة الشعبية ثغرة من خلالها يمكن مراجعة الوضع الدستوري لتلك المناطق. وهل مقاطعة النائب علي عثمان محمد طه للمهرجان الخطابي (الملغم) بمطالب الحركة الشعبية قرار صائب أم كان الأحرى بالنائب مخاطبة اللقاء وعلي عثمان يملك ناصية اللغة ومخزون من الخبرة السياسية يؤهله لتسجيل عدت إصابات في مرمى الحركة الشعبية ودعاة الحكم الذاتي للنيل الأزرق وجبال النوبة؟؟ لكن التقديرات السياسة أو التقديرات الأمنية كانت وراء إلغاء المخاطبة الجماهيرية وبدأت الساحة الداخلية والخارجية تردد السؤال التقليدي ماذا حدث في النيل الأزرق ولماذا قطع علي عثمان زيارة الدمازين والعودة للخرطوم؟؟ وهي أسئلة لا يجيب عليها إلا الناطق الرسمي باسم الحكومة إن هو رغب في الإجابة!! ومطالبة الحركة الشعبية في النيل الأزرق وجبال النوبة بالحكم الذاتي لا يسندها منطق دستوري وقانوني باعتبار أن المشورة الشعبية آلية لأخذ الرأي حول تراتيب اقتصادية واجتماعية وليست آلية لتحديد وضعية تلك المناطق دستورياً بيد أن المنطق السياسي يقتضي الحوار الجهير هل ثمة حاجة إلى حكم ذاتي لتلك المناطق وما هي دواعي الحكم الذاتي؟؟ وماذا تكسب المنطقتان من الحكم الذاتي وماذا تخسر؟؟ وهل ثمة تعريف محدد للحكم الذاتي الذي تطالب به الحركة الشعبية لتلك المناطق؟؟ وهل القضية مطلب للحركة الشعبية وحدها أم مطلب لجماهير المنطقتين بمختلف مكونات تلك المناطق؟ بحكم انتمائي الجغرافي من الجذور الثقافية لمنطقة جبال النوبة التمست من واقع المتابعة اليومية والزيارات المتتالية والحوارات مع مكونات تلك المنطقة من سياسيين ومثقفين أن الحركة الشعبية حددت أهدافها منذ وقت مبكر وجعلت من «الحكم الذاتي رهاناً لها» بيد أن المؤتمر الوطني تموج في داخله تيارات بعضها تقترب من أطروحة الحركة الشعبية والآخرى تبتعد عنها ولم يشأ المؤتمر الوطني حتى اليوم قيادة حوارات حول مشاكل تلك المناطق ولم يسعى حتى لطمأنة قواعده بأن انفصال الجنوب لن يترتب عليه (تنكر) للحقوق أو إغفال لمقاصد اتفاقية السلام مما أحدث شكوكاً في النفوس دفعت البعض للدعوة للحكم الذاتي جهراً حتى دون تدبر مآلات الدعوة إليه.