وضعت الخارجية حداً للتكهنات حول ضلوع حركات تمرد دارفور في الأحداث الجارية في ليبيا، بإعلان المتحدث الرسمي باسم الوزارة أمس الأول أن التحقيقات أثبتت ضلوع هذه الحركات في الأحداث. الناطق الرسمي باسم العدل والمساواة أحمد حسين آدم رد بتصريحات غاضبة على ما قالته الخارجية عن ضلوع الحركات الدارفورية في أحداث ليبيا نفى فيها بشدة ذلك.. ومن عجب أنه في معرض نفيه المحموم قال إن ما يحدث في ليبيا هو شأن داخلي يخص ليبيا والشعب الليبي وحركته لا تتدخل في الشؤون الداخلية للدول! حسين قال ذلك ونسي أن العالم كله يعلم تمام العلم دور حركة العدل والمساواة في إجهاض محاولة المعارضة التشادية الإطاحة بنظام الرئيس إدريس دبي مطلع العام 2008م، حين حاصرت قوات المعارضة التشادية الرئيس دبي في قصره، فهرعت العدل والمساواة إلى نجدته وخلصته من هزيمة محققة، وبالطبع لم تكن هذه النجدة لسواد عيون الرئيس دبي أو من باب المروءة وحفظ الجميل والعرفان، ولكنها كانت نجدة للعدل والمساواة نفسها من أن ينهار نظام دبي ويأتي نظام آخر تفقد معه الحركة المأوى والأرض التي تنطلق منها سياسياً وعسكرياً وأمنياً واقتصادياً. فكانت تقاتل من أجل بقائها لأنه مرهون ببقاء الرئيس دبي حليفها الأكبر يوم ذاك.. أولم يكن هذا الصنيع من العدل والمساواة تدخلاً في شأن داخلي لتشاد أم هو الكيل بمكيالين يا حسين؟! وبالتحليل البسيط يمكن التوصل إلى حقيقة ضلوع حركات تمرد دارفور وأكبرها حركة العدل والمساواة وتورطها في دعم نظام القذافي في قمعه لشعبه بتلك الصورة البشعة والوحشية.. فالقذافي كما هو معلوم آوى هذه الحركات وظل يمدها بالمال والسلاح منذ اندلاع أزمة دارفور، بل كان له «الفضل» و «المنة» واليد السالفة لكل حركات التمرد التي قامت بالبلاد منذ أن جاء إلى سدة الحكم في بلاده، وكان مصدر «قلقلة» وزعزعة لأمن السودان طيلة فترة حكمه الذي يتداعى هذه الأيام.. وقريباً حين صكت أنجمينا الباب في وجه زعيم «العدل والمساواة» خليل إبراهيم، ورفضت السماح له بدخول أراضيها في مايو من العام الماضي سارع القذافي إلى إيوائه وتوفير الملجأ له ليستأنف منه قيادة وإدارة شؤون الحركة السياسية والعسكرية مما مكن الحركة من القيام ببعض المناوشات والمحاولات اليائسة للتدليل علي وجودها في الميدان، لكنها منيت بالفشل الذريع. وليبيا القذافي تعني الكثير بالنسبة للعدل والمساواة، فهي الملاذ الأخير لها بعد طردها من تشاد ومؤخراً من مصر، ليبيا القذافي بالنسبة للعدل والمساواة تعني المال والسلاح والدعم السياسي، لذلك فإن مصير ومستقبل الحركة رهين بمصير ومستقبل القذافي، وهنا مربط الفرس بالنسبة لقادة الحركة ومن هم خلفهم في الداخل الذين يمدونهم بالدعم السياسي ويتبنون كثيراً من أطروحاتهم السياسية. حركة العدل والمساواة وبعد هذه الفضيحة المخزية سطرت اسمها بأحرف من دم الشرفاء الثوار في ليبيا في سجل الخزي والعار، وكشفت عن حقيقتها وعن وجهها القبيح، وأكدت بوضوح أنها حركة يقوم على قيادتها ثلة من المرتزقة وشرذمة من القتلة المأجورين الذين يتدثرون بثوب السياسة وادعاء أن لهم قضية يدافعون عنها، وهم إنما يدافعون عمن يدفع لهم شرقاً أو غرباً، جنوباً أو شمالاً. الشعب الليبي لن ينسى لهذه الحركة هذا الموقف الانتهازي، وسيكون تاريخاً تحفظه الأجيال بعد أن يتوج جهاد الشعب الليبي بالنصر والإطاحة بنظام القذافي وهزيمته التي ستُحفظ هي الأخرى في كتب التاريخ إلى الأبد. حركة العدل والمساواة بعد هذه الفعلة ينبغي ألا تُعطى وزناً لا تستحقه، فالمرتزقة غير جديرين بأن ينالوا شرف الجلوس على موائد التفاوض التي هي موائد للكرام، ولا أن يحملوا ألقاباً ليسوا هم أحق بها ولا أهل لها. لا نريد أن يصبح أحد من هؤلاء على رأس أدني منصب دستوري بالبلاد بعد أن انكشف ارتزاقهم وبانت عمالتهم.