سعاد موظفة في أحد البنوك تعود الى منزلها بعد نهاية دوام العمل اليومي، وبعد اتمام الأعمال المنزلية اليومية من تجهيز وجبة الغداء للزوج والأولاد، تخلد سعاد قليلاً للراحة والنوم دائماً، ولكن تغير جدول سعاد تماماً بعدما ثارت تونس وخروج بن على منها، وثارت مصر وتنحى رئيسها السابق حسني مبارك ولكن... هذا على لسان سعاد... كل الأحداث ليست أغرب من أحداث الجماهيرية الليبية، فكل حواسي تعمل فى وقت واحد، أنظر للصورة وأُثار وأتألم لمنظر الجرحى، واسمع الهتافات واهتف معهم أحياناً واتحسس آلامهم، وأتمنى لو أنني كنت معهم... وتارة أقول الحمد لله واتحسس ملاءتي ومخدتي وأقول أنا فى نعم (الله لا يحرمنا منها) وينصر الشعب الليبي .. طيب ياسعاد وين الكوميديا هنا؟...هذا كان سؤالي .... قالت: كلما يظهر العقيد ويقدم كلمة تنتابني حالة من الضحك وأشعر للحظة أنني خجلة له وتارة حزينة على حالي وأنا اواصل الاستماع الى كلامه المهزلة، وينتابني سؤال هل هو يضحك على نفسه أم يضحك علينا؟ تراه يقول الشعب الليبي يحبني! وترى الهتافات بعد ثانية (أرحل أرحل يا جبان) ثم يقول لماذا الغضب لاتوجد ثورة... وتسمع ثورة ثورة حتى النصر من ملايين الشعب الليبي... ويقول أنا ليس لديّ منصب لأستقيل، وفى نفس الخطاب يقول سنفتح المخازن ونسلح الشعب الليبي, ثم يقول ليبيا بخير، وفى المرادف يقول ستكون ليبيا (نار حمرا وجمر)؟ حيرني هذا الرئيس.. قالت سعاد وأكثر ماحيرني قوله: شعب ليبيا شعب الكرامة والعزة وشعب أبي!! ويقول شاتماً...(أضربوا الجرذان) بقدرة قادر تحول الشعب الكريم العربي الأصيل الى جرذان ...... كوميديا ممزوجة بالحزن..... والأعجب من ذلك أن العرب جميعاً لم يستنفروا ويقوموا بعقد قمة فورية لا أعرف ماذا ينتظرون؟ هل ينتظرون أن تتحول ليبيا فعلاً الى (نار حمرا وجمر) وبعد ذلك يعقدوا الاجتماعات للتفاكر بكيفية إطفاء النار.... هل من ماء البحر الأبيض أم ماء المحيط ... فجأة ينادي عليها أطفالها وتقوم سعاد من أمام التلفاز، وتجهز الشاي وتصلي المغرب وتقول متفاجئة بعد عودتها للجلوس أمام شاشة التلفاز: (أها إن شاء الله يكون القذافي اتنحى؟ أدركت حينها أن صديقتي سعاد فقدت جزءاً كبيراً من عقلها، وأهم جزء فيه وهو أن بعض الحكام العرب يعشقون السلطة حد الجنون، وهى لا تدري أنه ربما لا تكون هناك ليبيا ولا شعب ليبيا إذا استمر الحال على هذا المنوال.. أتمنى نهاية هذا المسلسل الحزين وأن ينتصر أهلنا في ليبيا وكل مواطن ليبي .....والله يعين سعاد على الخروج من حالة الهزيان التى بدأت تدخلها ... قمت بوداعها بعد تلك الزيارة ودعتني قائلة: سلمي على ناس البيت والله ينصر الشعب الليبي كمان .... قلت لها: آمين. .. حال كل العرب والعجم كحال سعاد، فلترحل ياقذافي رأفة بالعالم العربي والعالم أجمع وصديقتى سعاد .... لحظة أخف الأشياء في الحكومات الرديئة تطفو على السطح