حين أجلس لأكتب مقال آخر لحظة كل اسبوع (في الرواق) تنتابني كثير من الأحاسيس والمشاعر، وتتزاحم في رأسي العديد من القضايا والموضوعات التي تتنافس فيما بينها لترى النور على صفحات الإعلام المقروء، وهي بكل المقاييس موضوعات مهمة وقضايا عامة تهم الرأي العام، وتهم الجمهور، وتهم كافة فئات وشرائح المجتمع، وهذه الموضوعات التي تفرض نفسها وتجد مني ومن غيري الاهتمام التام هي قضايا الأمن والأمان وقضايا الفكر والثقافة وقضايا التهريب والتسلل، وأيضاً التهرب وقضايا الهجرة ومتطلبات الحياة والتحديات والمستجدات في مجال الإعلام والثقافة، والفكر والعلم، والعمل والسلوكيات الضارة، والممارسات الخاطئة، والظواهر السالبة التي بدأت تنتشر بدون رحمة على كافة المستويات، لا فرق فيها بين ريف أو حضر مدينة أو قرية.. فالتحديات تتواصل وللأسف وأكرر للأسف، فالكل مشغول بهذه التحديات في جميع بقاع العالم مشغولون بماذا؟ بالكثير من التحديات الحياتية والمعيشية والمستقبلية مشغولون بالكثير المثير.. سعياً وراء الرزق الحلال، وآخرون جرياً وراء الثراء الحلال والحرام.. البعض مشغول بهموم أسرته وأولاده وبناته وآخرون مشغولون بتكديس الأموال وآخرون بغسل الأموال، وتنمية القدرات المالية عبر كل العملات العالمية من دولارات، ودينارات، وريالات، وجنيهات استرلينية، وعربية، والين وغيره من العملات تحيتهم بينهم عندك كم؟ وربحت كم؟ وجنيت كم؟ ووفرت كم؟ وآخرون يسألونهم لطشتم كم؟ وهرَّبتم كم؟ طبعاً دا كلو بالملايين وليس بالملاليم، ومع ذلك لا يكلون ولا يملون وكل اهتمامهم وحديثهم هو عن المال في كل الأحوال، وتفكيرهم على الدوام جمع المزيد واقتناء الجديد، والحصول على المال بشتى الطرق، وجميع وسائل الإعلام تتحدث باستمرار عن أغنى أغنياء العالم، وأسمائهم وجنسياتهم ونحمد الله أننا حتى هذا اليوم لم نجد اسم سوداني يزين قائمة أغنياء العالم.. قد يتساءل القارئ الآن ويقول يا أخي وأنت مالك شاغل بالك، أقول بكل صدق وصراحة هذا الموضوع يستحق الطرح والدراسة والتحليل، وقبلها أقول إنه لاغضاضة في أن يسعى الإنسان لكسب المال لقوت يومه أو أعوامه لأسرته، وأن يشقى ويعمل ويكافح عبر المهنة والوظيفة أو الحرفة أو مصدر الرزق الحلال بأمانة ومسؤولية وإخلاص في العمل، والسعي الحلال لكسب المزيد من المال، مع الأخذ في الاعتبار النظر لمن هم في أمس الحاجة للمساعدة من المساكين والفقراء واليتامى والأرامل وذوي الاحتياجات الخاصة والمرضى بأمراض خطيرة وفتاكة، تتطلب العلاج المكلف والأدوية الغالية الثمن، وهذه السياحة العفوية تؤكد ماهو مؤكد اصلاً بأن الأعمار بيد الله، والأرزاق بيد الله سبحانه وتعالى، لا يد لاي مخلوق فيها مهما بلغت صلاحياته وسلطاته الوظيفية أو أعبائه المهنية، فالكل إلى زوال والدوام لله سبحانه وتعالى فلا الصحة دائمة، ولا الوظيفة دائمة، ولا المال دائم، ودوام الحال من المحال ومن هذا المنطلق يجب السعي الأمين لكسب المال الحلال، وأن نراعي فيمن يعملون معنا أو يتعاونون معنا أو لديهم ارتباطات حياتية أو معيشية، لابد أن تبنى العلاقة على الاحترام أو الرحمة والمودة، وأن نقول لمن أحسن أحسنت ولمن أساء عليك بالاحسان، وعدم الغفلة بهذه السطور والأفكار سأتناول بإذن الله تعالى بعض المستجدات والموضوعات والتحديات والسلوكيات والأخطاء والتجاوزات، التي تندرج أو قد تندرج تحت بند الأزمات وفن إداراتها والتعامل معها باعتبارها قضايا مهمة وظواهر تستحق الدراسة والتحليل والسعي الجاد للمساعدة في معالجتها، والتقليل من آثارها وسلبياتها لأنها تشكل في مجملها تحديات أمنية أو أجتماعية أو صحية أو فكرية أو سلوكية أو أسرية أو اقتصادية وجميعها تأتي على قمة أولويات أي فرد وأسرة أو مجتمع، ولن نتطرق بطبيعة الحال للأزمات التي لا تشكل هماً لدى الجمهور، ويكون المحك هنا هو: أن الإدارة فن، والتعامل فن، وايجاد الحلول الموضوعية للأزمات فن، وتكون المصداقية والعدالة والشجاعة والوعي والموضوعية هي المحاور التي يجب أن يعتمد عليها وتعطي الأولوية في معالجة التحديات، وإدارة الأزمات، ومواجهة السلبيات والمستجدات.. وسنواصل بإذن الله في الاسبوع القادم.