حاولنا في هذه المساحة استنطاق الصحافي ملك المنوعات بصحيفة آخر لحظة الأستاذ هاشم عثمان وهو صحافي بدأ مسيرته من صحيفة الأيام وأسسّ صفتحي الجريمة والعمال بتلك الصحيفة، وما زال عطاؤه ثراً إلى الآن، يقول هاشم لالأحداث إن ملكة الكتابة تأتيه في آخر الليل وساعتها فإن أخطر تحقيقاته وأعماله الصحافية الحقيقية تظهر إلى العلن خاصة بعد احتساء الشاي بالنعناع. أسرد لنا بداية مشوارك الصحافي؟ مدرسة الأيام تعتبر المدرسة الأم، وكانت تضم مجموعة من عمالقة الصحافيين السودانيين كالأستاذ بشير محمد سعيد، والأستاذ محجوب عثمان، والأستاذ محجوب محمد صالح، وكان فيها مجموعة كبيرة من الصحافيين المميزين في شتى المجالات كالرياضة والفن ومن أبرز الرياضيين كان الأستاذ ميرغني أبو شنب وعمر عبد التام، محمود شمس الدين، والشايقي وغيرهم. لماذا اخترت قالب المنوعات لمعالجة القضايا؟ كل الأعمال أعالجها في شكل منوعات كالسياسة والاقتصاد، والقضايا الاجتماعية وغيرها وتلك القضايا عندما أعالجها في شكل منوعات تصبح مثل كبسولة الدواء المغطاة بمادة حلوة وأن القارئ يستوعبها بسرعة وتجد هوىً في نفسه. ما هي إسهاماتك في العمل الصحافي؟ أنا أول من أدخل صفحة متخصصة للجريمة في العمل الصحافي وكانت باسم قضايا وحوادث بمشاركة الأستاذة انعام محمد الطيب، وأدخلت أيضاً صفحة متخصصة للعمال كانت باسم الحياة العمالية، والصحافة المتخصصة كان وراءها الأستاذ حسن ساتي، وأقول إن ساتي اكتشف قدراتي الصحافية ووظفني للإشراف على عدة صفحات ورغم العبء والمشقة إلا أن العمل انساب تلقائياً، والقدح المعلى كان للأستاذ محمد الخليفة طه الريفي وهو ملك المنوعات في الصحافة السودانية، تتلمذنا على يديه أنا والأستاذ مصطفى أبو العزائم، وكان له ذكاء خارق في اكتشاف قدرات الصحافيين. لماذا أحببت مهنة الصحافة دون غيرها من المهن؟ كنت أحب الصحافة جداً منذ نشأتي وهذا له علاقة بشقيقي الأستاذ عز الدين، ومنزلنا كان يتوافد عليه مجموعات كبيرة من رؤساء التحرير والصحافيين والشعراء، هذا المناخ والأسماء اللامعة أثرت عليّ كثيراً وغرست في حب مهنة الصحافة. هل تتذكر أول عمل صحافي في بداية مشوارك؟ كان مع مدير شرطة ولاية الخرطوم وكنت سعيدا جداً بذلك العمل الذي كان في شكل ميني تحقيق. هل تذكر لنا تفاصيل طفولتك؟ عندما دخلت المدرسة كان أول شخص رافقني هو شقيقي الفنان عز الدين والأستاذ رحمي سليمان والشئ المدهش الذي اتذكره جيدا أننا ذهبنا إلى المدرسة بسيارة جريدة من إحدى الجرائد لا أذكر اسمها الآن، وهذه من الأشياء التي رسخت في ذهني. الشئ الآخر منذ وأنا صغير كنت أزور الصحف، وفي مرة من المرات ذهبت إلى جريدة الصحافة والتقيت بالأستاذين فضل الله محمد ونور الله محمد ونور الدين مدني، وقدمت لهم نماذج من رسوماتي في فن الكاركاتير فأكرموني وتنبأوا لي بمستقبل زاهر. هل عملت كثيراً في مجال رسم الكاركاتير في الصحف؟ نشرت لي جريدة الأيام أعمال كاركاتير كثيرة، لكن شقيقي الفنان عز الدين نصحني بعدم الاستمرار في ذلك الفن وشجعني للاستمرار في الكتابة الصحافية وكانت رؤيته ثاقبة، وبرر لي خطوته بأن فن الكاركاتير مشاكله كثيرة واحترمت وجهة نظره باعتباره مدرسة صحافية متميزة. هل لديك طقوس للكتابة؟ نعم لدّى طقوسي الخاصة في الكتابة وأحبذ أن أكتب في آخر الليل لأن الأفكار تتداعى بسهولة ويسر، وأنا دائماً ما أحمل ورقة وقلم في أي زمان ومكان زي المسدس وغالباً ما أكتب تحقيقاتي عند الفجر، بجانب الورقة والقلم أفضل الشاي بالنعناع لأنه يساعد على تدفق الأفكار وانسياب المفردات. من أين تلتقط مواضيعك الصحافية؟ عندما استغل المواصلات العامة، أو أمشي في الشارع أو عندما أذهب إلى مناسبة أقوم بعمل مسح ميداني للمكان وأتفرس في الوجوه واتجاذب أطراف الحديث مع الآخرين تمهيداً لميلاد العمل الصحافي، والاختلاط بالآخرين هو أساس المادة الصحافية، ولا بد من العلاقات العامة مع صاحب البقالة وغيره، ولا بد التسكع في مكان الحدث للوقوف على القضايا الحقيقية لأن الصحافة الحقيقية تتولد من اللا شئ. هل توجد فروق واضحة بين صحافة الأمس واليوم؟ الآن التقنية متوفرة وساعدت كثيراً سواء في المجال التحريري أو التصميم أو الطباعة، والتقنية ساهمت في تطوير الصحافة السودانية بكافة أشكالها. الصحافة الحالية هل أظهرت مواهب حقيقية؟ ظهرت مواهب شابة في الساحة الصحافية لكن للأسف الشديد قلة، في الماضي يمكنك الإشارة إلى عدد مهول من النجوم والكتاب في كل حقبة تاريخية معينة، لكن أسباب عدم ظهور كوادر صحافية مميزة بكثرة الآن يعود إلى ضعف كليات الإعلام رغم التدفق الهائل في المعلومات الذي يصعب ملاحقته، ونفتقد الآن للصحافي الشامل في الصحافة السودانية، وهذا هو عصر الصحافي الشامل. ما هي فلسفتك في الحياة؟ الحياة بسيطة وسهلة إلا لمن أراد تعقيدها، ومن يعتقد أنها معقدة سيراها معقدة. هل تتذمر ويصيبك الملل؟ أنا شخص ملول. لماذا؟ لا أحبذ التقوقع في مكان واحد سواء زمانياً أو مكانياً، ولا استمع إلى شخص واحد وأحب التنقل من مكان إلى آخر، أنا منظم جداً وأعرف خارطة يومي جيداً. هل أنت متصالح مع الفلس؟ لا ، على الإطلاق ولا أستطيع معه صبراً كيف تتصرف عندما تكون مُعدماً؟ لا خيار لي أمام الفلس وعزائي الوحيد التصالح مع النفس، وأنظر إلى من هم دوني، وأحاول أن أكون عادياً وطبيعياً؟ هل أنت متصالح مع نفسك؟ نعم. هل اتخذت قراراً في حياتك ورجعت وندمت عليه؟ لا. هل تستمع إلى الأغاني وترتاد دور السينما والمسارح؟ أنا مع كل الأغاني سودانية وعربية وأجنبية، واستمع أيضاً إلى الأغاني الهابطة لأنها لم تأتي من فراغ، وارتاد المسارح ودور السينما، وأحبذ الاستماع إلى الفنانين الشباب محمود عبد العزيز، نادر خضر وغيرهم. هل أنت مهتم بالكتاب والقراءة عموماً في حياتك؟ القراءة جزء أساسي من حياتي وتعتبر الوجبة الرابعة في المنزل، في إجازاتي السنوية لا انقطع عن القراءة والكتابة والعمل الصحافي. هل تفكر في الموت؟ شئ طبيعي أن أفكر في الموت، لكني لا أخافه ولا أتمناه، كما قال الرسول (ص):لا يتمنين أحدكم الموت من ضُر أصابه، فإن كان لا بد فاعلاً فليقل:اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي،وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي. ما هي علاقتك بالأطفال؟ أحب الأطفال جداً، لكن لا أطيق صراخهم وإزعاجهم. ما هي فلسفتك تجاه المرأة؟ المرأة هي ملح الحياة، تتجسد فيها الحياة السعيدة بما حباها الله من أشياء تختلف عن الرجل، وهي عطر الحياة وأريجها؟ هل تؤمن بالحب؟ الحب يجري فيّ الإنسان مجرى الدم، الحب للعمل وللنفس وللحياة ولمن هم حولك ولله. هل خضت تجربة حب حقيقية؟ لم اختبر تجربة حب حقيقية، لكنني أحب، لكن الحب بمعناه يا انتي يا أغرق ما عندي. ما هو فهمك للحب إذن هل هو تزجية للوقت؟ بالعكس أحب من أجل الحب، لكنني لا أحب التجارب التي توصلني إلى نهايات غير سعيدة، أنا الآن حُر. لماذا لم تتزوج إلى الآن؟ أنا كالشخص الذي يدخل إلى البستان ويسعد برؤية كل أنواع الورود ويستنشق أريجها. ما زال السؤال قائماً؟ إنها مشيئة الله، لم أتزوج لأنني لم ارتبط. هل تتوقع ارتباطاً في القريب العاجل؟ نعم اتوقعه، طالما يوجد الحب فإن الارتباط سيأتي. أنا معجب بالأغنية لكلماتها واتفاعل معها، لكني لا اتعامل معها بالرجوع إلى الماضي وتقليب المواجع وغيرها، أنا فنان وصوتي جميل وأعزف على آلة الجيتار وأجيد الرسم ، أحب المديح والطار وعندما أسمع صوت الطار أكون مثل الدرويش وهذا مرده إلى الأسرة التي تحب المديح والنوبة منذ سنوات مضت؟ هل تحب السفر؟ نعم أحب السفر، وأحبذ النزول في الفنادق رغم وجود أهلي في عدد المدن، لأتمكن من الذهاب والمجئ بحرية والوقوف على تلك المدن على حقيقتها، وما زالت بعض السفريات عالقة في الذاكرة. نقلاً عن صحيفة الاحد