فى دراسة تم اعدادهامؤخراً فى بريطانيا توصل باحثون الى إن العمل لساعات طويلة يزيد خطر الأزمة القلبية إذا زادت هذه الساعات عن الساعات اليومية المعروفة فى حدود الثمان ساعات . وتصل الدراسة الى أن هذه الزيادة تزيد احتمال الاصابة بنسبة 67% . الدراسة التى مولها مجلس الأبحاث الطبية ببريطانيا أشارت الى أنها ستجري دراسات اضافية للتأكد فيما إذا كان تخفيض عدد ساعات العمل يساهم فى تحسين صحة القلب . فى منتصف الثمانينيات الماضية شهدت مؤسسة خدمية حكومية وفيات فجاءة متتالية بعضها على كرسي العمل وأخرى نوم أبدي لايقظة منه بعد الخلود الى النوم وفى كامل قواه والبعض الآخر أزمة قلبية أو دماغية أو رئوية لاتتجاوز ساعات اليوم . المدير العام الذى مضى الى ربه بذات الطريق أصدر أمراً نافذاً بأن يتمتع كل منسوبي مؤسسته بالاجازة السنوية وفق برمجة لاتخل بنمط العمل وكان فى باله الإرهاق وضغوط العمل التى تقصر الأجل رغم أنه مكتوب فى الأزل. حقبة الإنقاذ التي شهدت تحديات متتالية فى ادارة شئون البلاد الداخلية والخارجية والتى لم تتسع دوائر شغل الوظيفة العامة لتحمل بعض الأعباء عن مجموعات ظلت مكلفة بحمل هذا العبء منذ الثلاثين من يونيو 1989 م وحتى اليوم أي لمايزيد عن العشرين عاماً نجت من المخاطر التى توصلت إليها الدراسة التى أشرنا إليها ولكن لن ينج الكل من أثار نتائج دراسة ألمانية نشرت قبل سبع سنوات أكدت على إن زيادة عدد ساعات العمل يعود على العمل بعائدات أقل جودة ونتائج أدنى من الساعات الست الأولى للعمل . بعض المسؤولين يعمدون الى الجلوس الساعات الطوال فى اداراتهم ويجبرون مرؤوسيهم الى البقاء معهم وقد يري هؤلاء أن خروجهم من العمل عند انتهاء ساعات الدوام الرسمي عاريجب أن يتطهروا منه بالمزيد من البقاء فى المكاتب حتى وإن كان لاعمل . كثير من الدول التى تقدمت ونهضت تؤمن نظم العمل فيها بعض الوقت للراحة والخروج من جو العمل والخروج من المكتب أو الموقع لتجديد النشاط وإيقاد الذهن مما يعود بالفائدة على الاداء وجودته بل ودولة كبيرة كالصين تعطي عمالها ساعة أشبه بالقيلولة لتناول الطعام والاسترخاء البدنى لأن كل هؤلاء يعرفون أن الطاقة البشرية محدودة النشاط والذي ينفد خلال ساعات محدودة فإن لم يجدد وينمى فإنه عائده كما أسلفنا سيكون متدنياً . ليس من الحكمة ولا من الكياسة أن يبدأ برنامج بعض المسؤولين والقيادات من بعد صلاة الفجر وحتى منتصف الليل لقيادة العمل التنفيذي ورئاسة اللجان والاجتماعات وتشريف الدعوات والمجاملة فى الإجتماعيات وفى كل منشط من هذه المناشط اليومية ضغوط ومناورات ووعود ومتابعات الادارة المعاصرة لاتقوم على الوجود المادي للمدير ولا الرقابة والمتابعة تقتضي هذا الوجود وإنما الأساليب الإدارية العصرية تعتمد على الالتزام بتنفيذ السياسة وتحقيق الأهداف والرقابة الذاتية والتقارير الرقمية والآلية والتقويم المقارن. تطوير الخدمة العامة يبدأ بقيادة الدولة التى لاترهق عقلها وجسدها فيما لاعائد منه إذ ثلاث ساعات صفاء فى العمل أكثر فائدة من عشر ساعات ينشغل فيها المسؤول باجتماع هنا ومقابلة هناك وزيارة ومجاملة بين هذا وذاك خاصة وكل الدراسات أثبتت أن الانجاز اليومي للعاملين قى دول العالم الثالث لايزيد عن ستين دقيقة عمل حقيقية . ياترى كيف يقابل طلب وزير يتقدم طالباً إجازة سنوية ؟ هل سيعود للمقعد فى أول تعديل وزاري؟