كنت من المداومين منذ اندلاع الثورة الليبية على مشاهدة قناة الجماهيرية العظمى الفضائية .. وخاصة البرنامج الذي يبث بعد منتصف الليل ( عشم الوطن ) الذي يقدمه الدكتور( يوسف شكير) .. حيث يقوم يوميا بالرد على ماتبثه القنوات الفضائية الاخرى وخاصة الجزيرة والعربية مفندا كل الاخبار والتحليلات التي يقول انها كاذبة ومضللة ومغرضة !! اشاهد يوميا تقريبا ( عشم الوطن ) الذي يستمر لأكثر من ساعتين .. واحرص على عقد مقارنة مباشرة بينه وبين برامج الفضائيات الاخرى التي تقف مع الثوار في مواجهتهم للنظام الليبي .. احاول ان افهم الطريقة التي يفكر بها النظام ممثلة في تحليلات الدكتور شكيرالمثيرة و التي يرد بها على من يسميهم ب ( العملاء ) و ( الجرذان ) الذين استعانوا بالجيوش الاجنبية للأنقلاب على شرعية الوطن .. ورغم مرارة المضمون الذي يدور حوله البرنامج اجدني مندهشا احيانا من سخرية هذا الرجل على خصومه .. فقد كان يوسف شكير معارضا سابقا للقذافي ومكث سنوات طويلة خارج ليبيا متجولا بين العديد من العواصم الاوربية كانت تمثل ملاذا امنا للفارين من النظام .. لذلك فالدكتور يعرف عن رفاقه المعارضين كل صغيرة وكبيرة .. ومن خلال برنامجه الذي انطلق مع شرارة الثورة الليبية يقدم في كل يوم رتلا من الفضائح المتصلة بقادة الثوار الذين زاملهم في المعارضة من قبل .. يحكي مثلا عن المخمورين منهم وكيف يدمنون شراب ( الويسكي ) و ( الفودكا ) ويرتادون صالات القمار في باريس ولندن وواشنطون .. ويؤكد ذات حلقة ان معارضا معروفا يسميه بالاسم له ابن غير شرعي ولايتورع الدكتور شكير ليصرخ قائلا : ( اننا نوجه هذا الكلام لزوجته لتعرف حقيقة زوجها وتتخذ الحذر من هذا المجرم الرعديد الذي كان يؤجر شقة مجاورة لبيت اسرته لتكون عشيقته قريبة منه .. فاين انت ايتها الزوجة المسكينة ؟!) .. ولا أدري ما دخلنا بكل هذه التفاصيل التي يكررها في كل حلقة الدكتور؟!. ويتمادى اكثر فأكثر كلما اشتد الخناق العسكري والسياسي على النظام الليبي فيحاول ( شكير ) اقناع المشاهدين بأنه رجل متصوف وزاهد وصاحب كرامات ورؤى منامية تصدق غالبا .. وقد رأى فيما رأى ان العقيد القذافي سينتصر وان العالم كله سينكسر .. وان ساعة الحقيقة قد دنت !! ولأنني لا اريد ان اظلم الرجل فأحكم عليه بأنه يخدعنا ويضللنا فقد صبرت على حلقاته الاخيرة التي طغى عليها ( علم الغيبيات ) و (منطق التكهنات ) الى ان شاهدته بأم عيني في حلقة الخميس الفائت وهو يتحدث عن ماسماه بكرامات ثورة الفاتح وبشريات الزحف الاخضر ويعلن بكل حزم وجزم بأن احد المواطنين في واحدة من البلدات الليبية شاهد دجاجة تبيض( بيضة خضراء) !! خضراء مرة واحدة ياعزيزي الدكتور شكير ..( اظنها كتيرة شوية ).. ثم لماذا خضراء ؟!.. الايكفي ان تبيض الدجاجة فقط .. ام ان الدجاج اصبح ايضا يقر أ الكتاب الاخضر ويؤمن بنظريته الخضراء !!.. يبدو ان ( ليلتنا ستكون خضرا) ونحن نشاهد برنامج ( عشم الوطن ) الليبي الذي بدأ حلقاته الاولى بشيء من الميل الى الموضوعية والمنطق وبنوع من الحدة والسخونة المبررة لكونه يعبر عن رؤية النظام وليس الثوار ويسعي لتقليم اظفارهم اعلاميا ونفسيا وهو مسعى قد يكون مفهوما لأن اعلام اي نظام او حتى ثورة يكون موجها وغير محايد ويجتهد في غسل امخاخ الاخرين وكسبهم الى جانبه .. لكن ان يصل الامر لاطلاق مثل هذه الترهات من أجل اثبات انه على الحق وان الله معه وليس مع اعدائه وان الدجاج اصبح بيضه اخضر فهذا مالا يمكن تمريره وقبوله .. ويكشف الى اى مدى وصل بعض المدافعين عن الانظمة الديكتاتورية ممن يخلطون الاوراق ويقلبون الامور لخدمة اجندتهم ولو استدعى الامر الاستعانة بالخرافة والتحصن بالشعوذة واستدعاء الجن والشياطين والسير على حبال السحر.. والاخطر من ذلك كله المتاجرة بالدين !! لا اظن ان برنامج الدكتور شكير اصبح جاذبا لمشاهدته .. ولن احتمل المزيد من الغرائب والعجائب التي يمكن ان تضخها حلقاته المقبلة .. فقد كنت اظن ان عند الرجل بعض الحقيقة مثلما ان البعض الاخر مع البرامج المضادة الاخرى .. لكن ( البيضة الخضراء ) اجهزت على الفكرة واجهضت رحلة تحري الحقيقة التي كنت ابحث عنها .. هنا وهناك !! ماوراء اللقطة : في عالمنا كثيرون مثل الدكتور (يوسف شكير) الذين يلعبون ب ( البيضة والحجر ) و يحاولون اقناعنا بأن بعض الحكام ليسوا بشرا وانما كائنات استثنائية لها كرامات ومعجزات وتمتلك اسرارا ليس اخرها ان الدجاج يشهد لهم بأنهم يمتلكون كل الحقيقة وانهم لايحاربون الاعداء وحدهم وانما هناك قوى خفية تدافع عنهم .. ويكفي تلك ( البيضة الخضراء ) التي ستكون في بلد اخر حسب الطلب ( حمراء ) و ( زرقاء ) و ربما ( فوشي ) و ( الوان اخرى ) ..!!