أرجو أن تسمحوا لي أن أقدم في باكرة هذه الخلاصة الشكر والتقدير والعرفان لإخوة وأخوات من قراء (خلاصة الحكي)، لما دثروني به من حبٍ ومودة من خلال مكالمات مقدرة تلقيتها منهم خلال الاسبوع الفائت، ولعل أطرفها كانت من الأخ سليمان بابكر سليمان من الكدرو، وكنت قد وجدت رسالة منه على هاتفي، وبما أن موبايلي غير مبرمج على اللغة العربية فلم اتمكن من معرفة مضمون الرسالة أو هوية صاحبها، فاتصلت به وشرحت له عيب موبايلي وعجزه عن فك شفرة الرسائل العربية، فضحك مني وقال لي (والله دي مشكلة إنت حلفاوي وتلفونك ما بيقرا عربي يتفاهموا معاك كيف)، وللأخ عبد الله عثمان من الجريف شكري الخاص على عتابه وقوله، لا للخلاصة الأخيرة، حيث رأى أنها قد خرجت عن الخط المعتاد وقال.. ( عشان كده قلنا نديك على رأسك عشان ترجع زي ما كنت، لأن الحلقة الفاتت خليتها لينا عرقي ساااكت).. وابتسمت لمحادثة الأخ مكي من السجانة لأنه هو ومجموعة من أصدقائه (قاعدين مع بعض ساعة المكالمة بيتغالطوا وعايزين يعرفوا إني شربت ولا ما شربت في قعدة أبيي بتاعت أبو الدقيق)!!؟ امتناني للأستاذ المعتق والمعلم الجليل العم عبد الحميد محجوب، حيث أعطانا شهادة لا نستحقها، ولكننا نعتز بها.. والتقدير ممدود للأخت شهد سيد من أم درمان على كلماتها الطيبات، وللأخ أحمد الضو من ربك.. و(لسعادتو) ميرغني محجوب والمقدم شرطة عبد الرحيم محمد النضيف بجمارك بورتسودان، ولا أنسى المساعد شرطة إبراهيم محمد علي بالدامر، والرقيب صلاح محمد عيسى بالمباحث، ونيازي حسن من هندسة جهاز الأمن، والأخ عبد الغني بابكر محمد من بانتيو، وكم هو جميل ومفرح أن نعلم بأن لجريدة آخر لحظة قراءاً في بانيتو.. وكل الحب والود للواء (الضكران) خضر المبارك، واللواء الحارث عطا الله، والعميد شرطة د. عز الدين عبد المحمود.. وللجميع أقول.. إن الذين قالوا نعم والذين قالوا لا، كلهم قد أعطوا ثقة مسبقة بخلاصة الحكي، فالشكر والعتبى لمن سقطت اسماؤهم من خلال شقوق الذاكرة أو لضيق المجال. من طرائف الشرطة في مدينة عطبرة الباسلة أن الرقيب شرطة بكري موسى كان قد أعتُل أثناء وضعه بالحبس المقفول، حيث تم ارساله مع حرس الاحتياطي، وكذلك ثم توجيه الرقيب عوض بابكر عرجاي للتوجه للمستشفى للمشاركة في الحراسة، غير أنه (زاغ) من الحراسة في تلك الليلة، وفي صبيحة اليوم استدعاه العقيد مدثر حسب الرسول لمكتبه واستفسره عن أسباب (الزوغان) من الخدمة ليلة البارحة، فرد عليه الرقيب عوض بقوله: (أصلو يا سيادتك ما معقول الزول ده يحفظ ليه حرسين واحد من الاحتياطي وأنا من الأمنية، أصلو ده بكري موسى ولا شيخ حسن!!) فضحك العقيد من ذكاء وطرافة الرقيب وأمره بالانصراف. في قسم الشرطة بالدامر تسلم الرقيب شرطة العقيد محمد أحمد مناوبة القسم ذات ليلة، وقام باختتام المناوبة بأن كتب على دفتر الأحوال ما يلي: (العقيد محمد أحمد تسلمت المناوبة بالقسم في الساعة ... الخ) من دون أن يذكر رتبته وهي الرقيب شرطة قبل اسمه، ولما إطلع النقيب الطاهر الجعلي على الأحوال نادى الرقيب العقيد محمد أحمد وقال له ( ما معقول يا سيادتك تجي القسم وتستلم الأحوال ونحن ما عندنا خبر)!!. عقب تولى الفريق شرطة عباس مدني لمقاليد وزارة الداخلية، وتعيين الفريق شرطة فيصل خليل مديراً عاماً للشرطة، كانت التوترات التي أعقبت انتفاضة أبريل هي السائدة في الأجواء، حيث كانت هنالك مجموعة منشورات قد وزعت في أوساط الشرطة، بعضها يهاجم الوزير عباس مدني ومن يحسبون عليه، ومن ضمنهم العقيد إبراهيم الكافي، والبعض الآخر يهاجم الفريق فيصل وبطانته ومن ضمنهم أيضاً العقيد إبراهيم الكافي، وكان الشائع في ذلك الوقت أن هناك خلافاً مبدئياً بين الوزير والمدير، ولم يكن ذلك صحيحاً بشهادة المرحوم الفريق فيصل لي شخصياً.. على كل كان الوزير عباس والمدير فيصل واقفين ذات نهار ببهو الوزارة، وحدث أن مرَّ بهما العقيد الكافي، فناداه عباس مدني مداعباً (تعال هنا يا عجوز .. عامل كيف) فرد عليه إبراهيم الكافي (طبعاً زي الزفت يا سيادتك لأنه ما معقول كل يوم والتاني يطلع منشور يشتم فيكم ويشتموني معاكم)، فرد عليه عباس مدني ضاحكاً بقوله.. ( أنا عارف المنشورات دي كلها من تحت رأسك الكبير ده وبتكتب اسمك فيها عشان تغبي الأتر). كان النقيب شرطة الصادق التيجاني يقود سيارته من ناحية استاد الهلال العظيم في اتجاه شارع العرضة، وعند التقاطع مع شارع فوجيء باندفاع (لوري سفنجة) يحاول سائقه التخطي بتهور من على يمين الشارع، وكاد أن يصطدم بعربة النقيب الصادق- (الكلام ده في الثمانينات يا أخوانا)- فلحق الصادق باللوري وأوقفه وقال للسائق (يازول إنت ما واعي.. ده شنو بالتعمل فيه ده.. وللا أقول ليك كدي أول حاجة أديني رخصتك وورق العربية)، فرد عليه السائق مستنكراً (قلت شنو؟ أديك رخصتي.. يعني عايز تقبضني)! عندها قفز مساعد السواق من اللوري ووقف متحفزاً إلى جوار النقيب الصادق الذي رد على السائق قائلاً: ( والله لو دعى الأمر أقبضك بقبضك)، فنظر السائق إليه وقال له مشيراً بالاصبع السباب (إنت.. إنت تقبضني أنا.. والله إنت ما تقبضني)، وبما أن النقيب الصادق كان نحيف البنية بدون عضلات، فقد ظن بأن السائق يستخف به لقلة حجمه، غير أن الدهشة ألجمته عندما قال له السائق (والله الزيك ده ما يقبضني.. إنت ما ود عرب .. عليَّ الطلاق إنت كان لقيتني مقبوض تفكني) والتفت إلى مساعده وانتهره (أركب ياولد!) فقفز المساعد راجعاً لموقعه باللوري، ورمى السائق بالتعشيقة نمرة واحد وداس على البنزين فزمجر اللوري وانطلق لحاله تاركاً النقيب الصادق فاغراً فاهه من الدهشة، ليضحك بعدها من تلك (التحنيكة)، وشباب اليومين ديل عاملين فيها (بحنكوا) (الجكس) وما عارفين إنو ناس الثمانينات كانوا (بحنكو) البوليس ذاتو. في ثمانينات القرن الماضي كانت كشوفات الإحالة للمعاش تعرف باسم (التطهير)، وقد كان التعبير ذاك من مخلفات أكتوبر 64، وكان المقدم شرطة محمد عمر البدري قد رُفت من الخدمة نتيجة خلاف مرير مع أحد قادة الشرطة، وأعيد للخدمة عقب الانتفاضة ليتم (تطهيره) بعد فترة للمرة الثانية، وحدث أن التقيته بعدها وقبل أن أسأله عن أحواله (الرجل فردة وكده) بادرني بقوله ( معقولة يا عثمان حسين البعملوه فيني ناس البوليس ديل.. ياخي أنا طهورتي الأولى لسه ما برت كويس يقوموا يطهروني تاني.. عليك الله الناس ديل ما بالغو؟)