طالعنا في العنوان الرئيسي لصحيفتنا الغراء «آخر لحظة» بعدد السبت 20 فبراير 2010م، خبر مفاده وفاة ثلاثة أشخاص وإصابة واحد وعشرين آخرين بجروح منها ثلاثة حالات خطرة إثر حادث مروري بطريق مدني الخرطوم ، وهذا الشارع بحسب الإحصاءات المرورية يمثل الصدارة وبجدارة بين الطرق التي تحدث فيها هكذا حوادث، وبحسب ذات المصدر أن هنالك شخصاً يموت كل تسعة ساعات في حادث مروري بالسودان وفي المتوسط يموت حوالي«1500» شخص سنوياً بالسودان «تقرير الإدارة العامة للمرور 2007م» من جراء هذه الحوادث ، والأمرلا يختلف عالمياً حيث تصاعدت الإحصاءات حتي بلغت حوالي «25» مليون شخص يقضون سنوياً من جراء حوادث المرور منذ أن حدث أول حادث مروري تم رصده في شوارع لندن عام 1886م ،وغالبية هؤلاء الضحايا هم من الدول النامية التي من بينها السودان ،والذي صُنف بأنه الدولة رقم «13» على مستوى العالم في نسبة حوادث السير . ولا شك أن هناك أسباباً وراء ازدياد معدلات هذه الحوادث في بلد نام كالسودان ، وبالتأكيد ليست الحوادث المرورية بالحوادث العمدية، ولكنها تحدث فجأة وفي الغالب بعد القضاء والقدر يكون هنالك إهمال في إحدى جوانب الدورة المرورية والمتمثلة في السائق أوالمركبة أو مستخدم الطريق أو الطريق نفسه. ولذلك نرى بين الفينة والأخرى المحاولات الإعلامية التوعوية وكذلك محاولات جادة من بعض الجهات للحد من مثل هذه الظواهر، الأمر الذي قد يصل إلى درجة تشكيل لجنة فنية للطرق والمرور وعقد العديد من ورش العمل حول مشاكل المرور ومقترحات الحلول لها ،والتي كانت أخرها ورشة عمل مشاكل المرور ومقترحات الحلول لها، والتي نظمتها لجنة الأمن والدفاع بالمجلس الوطني بالتنسيق مع وزارة الداخلية في منتصف العام الماضي «2009م» و كانت من أهم توجيهاتها إنشاء مجلس للسلامة المرورية ،بالإضافة إلى توجيهات أخرى تصب في ذات الإطار، وأيضاً ورشة قضايا المرور والسلامة في السودان التي نظمتها الإدارة العامة لشرطة المرور بالتعاون مع مركز دراسات المستقبل. والآن وقد تطور العمل المروري وخطت الإدارة العامة للمرور خطوات واسعة في مجال استخدام نظام المراقبة الإلكترونية بطرق المرور السريع وتدشين مشروع اللوحات للمركبات المقروءة آلياً،واستخدام تقنيات الGis ومشروع الامتحان الإلكتروني لرخص القيادة وغيرها من الوسائل الحديثة . كل هذه المجهودات تنتظر تتويجها بقيام المجلس الأعلى للسلامة المرورية والذي أشار إليه مقترح قانون المرور لسنة 2009 م في الفصل الثاني من المادة «4»الفقرة «1» ينشأ مجلس يسمى مجلس تنسيق السلامة المرورية، وكان الأفضل تسميته بالمجلس الأعلى للسلامة المرورية وذلك تمشياً مع توصيات ندوة «حجم حوادث المرور في الوطن العربي وسبل معالجتها» والتي نظمها مركز الدراسات والبحوث بجامعة نايف للعلوم الأمنية في إطار برنامجها العلمي للعام 2005م ، وقد شارك في هذه الندوة أكثر من«60» مشاركاً ممثلين لإحدى عشر دولة من الدول العربية «ليس من بينها السودان». وأصدرت عدة توصيات كان أهمها التركيز على التنظيم المؤسساتي للهياكل المرورية ودوره في معالجة المشاكل المرورية ،وأجهزة التنفيذ الرسمية في مجال السلامة المرورية «المهام والآليات» والبحث العلمي ودوره في مجال السلامة المرورية وتقنيات السلامة وأهميتها في تقليل خطورة الحوادث، والتنمية الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها على حوادث المرور، وكذلك ضرورة التركيز على التربية والتثقيف والإعلام كروافد أساسية لسلامة المرور . والأمرالآن يتطلب إعداد دراسة متكاملة لإيجاد صيغة لقانون منفصل «وليس لائحة»للمجلس الأعلى للسلامة المرورية من حيث تشكيل المجلس والذي نأمل أن يتضمن الوزارات الاتحادية والولائية المعنية بالأمر، وتنظيم الهياكل الإدارية مع ضرورة تضمين الدورالفاعل لمنظات المجتمع المدني في الوقاية من حوادث المرور،و ضرورة إفساح المجال للعلماء والمختصين والخبراء في إبراز الدراسات والأبحاث وكيفية الاستفادة منها في تكوين المجلس الأعلي للسلامة المرورية وتحديد مهامه وصلاحياته وكيفية العمل والتنسيق والتعاون المحلي والولائي والإقليمي والدولي في مجالات السلامة المرورية التي أضحت الآن علوماً تدرس ضمن المناهج الأكاديمية والدورات التدريبية ،مع الوضع في الاعتبارالاستفادة من تجارب الدول العربية التي سبقتنا في إنشاء مجالس عليا للسلامة المرورية كالمملكة العربية السعودية و الأردن واليمن .