هل الحياة اليومية أضحت منفلتة إلى الحد الذي لا يمكن السيطرة عليه! وإلام يمضي هذا التغيير الكبير الذي ضرب المجتمع في كل شيء؟ وأدى لبروز كل هذه المظاهر السالبة التي «توجعنا» و«تبكينا» و«تشقينا» كل يوم!! في كل صباح نسمع حكاية «أمرّ» من التي قبلها.. هل هذا المجتمع السوداني الذي كنا نعرفه قبل أعوام قليلة.؟ ü أستاذنا الذي كان يدرسنا في الجامعة مادة علم النفس الاجتماعي كان يقول لنا الشخصية السوية هي التي توازن بين(الرغبة) والرهبة.والإسلام أيضاً يقوم على هذا التوازن الدقيق ويحث عليه ويمنع أي انحرافات من هذا الطريق!! وكذلك ديانات ومعتقدات أخرى كلها تدعو إلى جانب الفضيلة والقيم. المدينة الفاضلة والخالية من منغصات غير موجودة!! ولا يمكن الوصول إليها حالياً!! ابن منظور في «لسان العرب» يقول الرغبة هي الحرص على الشيء والطمع فيه ورغب عن الشيء تركه متعمداً وزهد فيه ولم يرده!! والرهبة هي الخوف والتوجس. اذن ما هي المعادلة المفقودة التي تحكم كلاً من الرغبة والرهبة وتزن بين طرفي المعادلة بحيث تجعل الانسان «إنساناً» والحياة أكثر «إنسانية» و«إعتدالاً» وأقرب للشكل «المقبول» والمطلوب...؟ نحن لا نتحدث عن قضية «فلسفية» ننقلها من الكتب ولكن نتكلم عن واقع يضرب الحياة في كل شيء!! أنظر مثلاِ للسياسة فهي قد فقدت التوازن المطلوب بين «الرغبة» و«الرهبة» فأصبحت لعبة قذرة!! السياسي يرفع الشعار الذي يحقق له رغبته في الحكم والاستحواذ على الكرسي وفي سبيل ذلك يمكن ان يفعل كل شيء فلا خوف ولا رهبة من وازع ديني أو غيره. وما يحدث الآن في الساحة السياسية أليس دليلاً؟ وفي التجارة كذلك ومنطق ولغة السوق اليومية تقول ذلك!! في السابق كان قانون العيب أكبر من أي قانون والمرء تتملكه الرهبة إن اتهم في أمانته وفي سلوكه!! الفرد في المجتمع كان «يرتعش» ألف مرة إن سولت له نفسه كتابة شيك بدون رصيد!! أنظر اليوم -ولا عجب- هل نحن في حاجة لأبراز أمثلة أخرى تدل وتقود إلى هذا الاختلال في المعادلة؟ يجب ألا نمل الحديث والاشارة إلى كل هذه الجوانب المخلة وهذه الظواهر والانحرافات التي ضربت مجتمعاتنا بكل قوة وجعلت الناس يرغبون ويطمعون في كل شيء، ولكنهم لا يتوقفون لحظة للخوف أو الرهبة - ليس كل الناس فأمة محمد بخير ولكن الشر دائماً صوته أعلى والتذكير به واجب.