الخريف على الأبواب.. «والوزراء» أيضاً على الأبواب. لم يدخل الخريف بعد!! وكذلك الوزراء. والذين حتى كتابة هذه السطور لم يدخلوا بعد لمكاتبهم!! لا نعرف سبب هذا التأخير!! ولكن ربما في العجلة الندامة . نحن في انتظار الحكومة الجديدة لتبدأ عملها بأهم ملفات السودان.. ملف الخريف - وبمناسبة الخريف سأل أحد الصحفيين قبل سنوات - وكنا حضوراً في مجلس سياسي بارز - هذا السياسي قائلاً لماذا د. حسن الترابي يربط جداوله الزمنية والمشاريع والخطط المختلفة بالخريف كأن يقول البرلمان سيجيز هذا القانون بعد الخريف!! أو سنقوم بحل مجلس قيادة الثورة «قبيل» أو بعد الخريف!! وسنصدر قانون التوالي بعد الخريف.. ألخ تصريحاته والتي قلما تخلو من ميقاته الزماني الخريف.. قال هذا السياسي لأن الترابي من القلائل الذين يعرفون أهمية الخريف في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد!!. ولكن هل تعرف الزعامات الحالية خطورة الخريف وتأثيره على نظرة الرأي العام تجاهها؟ الخريف في الدنيا كلها موسم نماء وخير وبركة فالسماء تمطر «ذهباً وفضة»، أنهار ووديان تجري في الأرض العطشى وتسقيها ماءً هو سر الحياة، ولكنه - يا للأسف- يتحول الخريف عندنا إلى نقمة ويضرب الناس «الكوراك» وبدلاً من توزيع «الحبوب» والجرارات تقوم الحكومة بتوزيع «الكواريك» و«شوالات التراب»!! الحكومة طوال العام تتكلم عن حصاد «المياه» وعندما يأتي الماء يروح «شمار في مرقة»..! العاصمة الخرطوم تتحول إلى شيء آخر!! الولايات كذلك!.. تغرق الخرطوم في شبر موية و«تتلخبط» الحياة؟! وتسقط المساكن على رؤوس الناس في الأحياء الطرفية!! ويختنق المرور وتختفي «المحليات» واللجان الشعبية ومعها «كعوبات»إيصالات الرسوم والجبايات على مدار السنة وتظهر في المساء جيوش الناموس والباعوض ونقيق الضفادع!! وتظهر بعد أيام المناظر الخضراء التي لا تسر الناظرين مناظر البرك، والمياه الآسنة!! أنها قصة كل موسم. إنه موسم عجيب وغريب. موسم الخريف..!! الموسم الذي يكشف تماماً ظهر الحكومة ويتركه «عارياً» أمام الناس!! إذا أردت أن تعرف فشل ونجاح الحكومة!! أي حكومة اتحادية أم خرطومية!! أم جزيرية أو كردفانية أم نيلية..! فانتظر موسم الخريف. أمريكا ومنظماتها لها تعريف المفهوم الدولة الفاشلة!! هو يعني عندهم معنى آخر!! ولكن الدولة الفاشلة عندي هي التي تفشل في موسم الخريف وتحوله من «نعمة» إلى «نقمة» وإلى كارثة اسمها كارثة السيول والفيضانات. وعندما يهرب سجناؤها من السجن تقول انهم هربوا بالمجاري!! أفتحوا كل المجاري: مجاري الصرف ومجاري الخريف.