لأكثر من ثلاثة أيام ظل العبد لله يناوش صديقة وزميله الصحافي اللبناني طيب المعشر ، سليم كرم ، على خلفية ما حدث لمجموعة من أفراد الجالية السودانية في لبنان ، لكن يبدو أن صاحبنا شعر إنني ( ذبحته ) بالكلام والتريقة وتذكيره بالطريقة التعسفية التي تعاملت بها السلطات اللبنانية مع الموقف فأنفجر في وجهي ( شو بدك يا زلمي مسختها فضها سيرة شوووووو يعني جماعتكم فاكرين حالهم في أم درمااااااااااان ليش ما اخدوا تصريح ) ، لكن رغم هجومة وغضبته المضرية ومحاولاته الهروب من تناحتي جلست على قلبه وقلت : له ان الحروب والتوترات المتلاحقة في لبنان والسودان لحست عقول أفراد الشعبين اللبناني والسوداني فأصبحنا نقاتل ( ضلنا ) ، عموما يبدو أن هوجة الجالية السودانية في لبنان أخذت اكثر من حقها ، واقولها بصراحة ان السلطان اللبنانية كان من المفترض ان تتعامل مع الموقف بشيء من التعقل والحكمة كما كان من المفترض على إفراد الجالية السودانية أخذ تصريح باقامة الحفل الخيري لانهم ليسوا في نمولي ولا في دارفور ولا حتى أرض البطانة وانما في بلاد غريبة ولكل بلد قوانينه التي يجب على المقيمين مراعاتها وأحترامها وكما يقولون ( يا غريب خليك أديب ) ، للأسف نحن السودانيون نحمل معنا ( عوارتنا ) ، نعم عوارتنا ، اينما ذهبنا وسرنا وهذه العشوائية هي التي توقعنا في مآزق ما انزل الله بها من سلطان ، ويحضرني هنا أن تواجد الجالية السودانية في هذا البلد لايرجع إلى منتصف الثمانينيات من القرن الماضي ، وانما نسج السودانيون تواجدهم في لبنان منذ بداية الستينيات من القرن الماضي، خصوصا أهل الشمال الاقصى واستمر تواجدهم في هذا البلد حتى إشتعال الحرب اللبنانية في العام 1975م وبعدها هربوا بجلودهم إلى بلدان الخليج ، وكان السودانيون الاوائل طيلة تواجدهم في لبنان يتمتعون بالاحترام والبعد عن المشاكل والامانة والاخلاق الحسنة ، طبعا لا أود ان اكون نرجسيا واطبّل لأهلي أهل الشمال اكثر من اللازم ، لكن هكذا كانت إخلاقيات المغتربون السودانيون الاوائل من أهل الشمال في كافة مغترباتهم ، كان هؤلاء ولا يزالون مضربا للمثل غير ان الهجرات الأخيرة للسودانيين من ناس طبش لبش قلبت هذا السيناريو واختلط الحابل بالنابل وأصبحت المسالة ( هردبيس ) ، صاحبي اللبناني كرم طلب ان يعقد مع العبد لله هدنة حتى أقطع وجهي واكف عن الهجوم عليه ، المهم بعد ان بردت المسالة تذكرت يا جماعة الخير الفرقة (16) اللبنانية وهذه الفرقة لم يعد لها وجود فقد كانت قبل الحرب الأهلية اللبنانية مخصصة لردع المشاغبين ويقال ان أفراد هذه الفرقة كانوا رجال غلاظ شداد وجوههم مرعبة وشنباتهم تربط الجاموس ورقبة الواحد منهم لا يقطعها السيف خصوصا أن وجباتهم الرئيسية كانت تتكون من اللحم النيء ( الكبي النية ) وهؤلاء ان كانوا موجودين وتدخلوا لفض الحفل الخيري السوداني لكان جماعتنا (راحوا فيها ) وأصبحت حالتهم حاله لا يعلم بها الا الله ،لكن ربنا قدر ولطف ، عموما ارجو ان نردد قبل خروجنا من بلادنا مقولة ( يا غريب خليك أديب ) . وكفى الله السودانيين واللبنانيين شر الخصام .