المسرح السوداني عانى خلال السنوات الماضية من توقف لنشاطه بعد أن أصبحت المواسم المسرحية في طي النسيان إلا من بعد الأنشطة أو المهرجانات التي تقام بين فترات متباعدة.. وتوقفت مسيرة بعض المسرحيين بسبب الهجرة إلى خارج البلاد وهنالك من اختاروا التوقف لعدم وجود أعمال مسرحية ترضي طموحهم.. وآخرون رحلوا عن هذه الدنيا.. بين الرحيل والسفر إلى خارج البلاد والتوقف عن مزاولة النشاط كانت لنا وقفة نتابع فيها هذه المشكلة التي أثرت على العمل المسرحي إضافة إلى عوامل أخرى معروفة لدى العديد من الناس.. غياب الأعمال المسرحية أسماء مسرحية عديدة لم يعد الناس يعرفون أين ذهبوا كانت لهم أعمال درامية ومسرحية كبيرة لازال جمهور المسرح يذكرها حتى الآن عندما كانت المواسم المسرحية تقام بصورة راتبة أفرزت لنا العديد من المسرحيات.. وهنالك أيضا كثير من أبناء الجيل لا يعرفون تلك الأسماء لغيابهم عن العمل المسرحي لسنوات بسبب السفر إلى خارج السودان.. وأسماء أخرى تركت المسرح ولجأت إلى الأعمال الدرامية الإذاعية وإلى بعض الأعمال الدرامية مثل المسلسلات والأفلام التي تعرض على شاشة التلفزيون في بعض الأحيان.. ومن المسرحيين الذين توقفوا عن العمل المسرحي لفترات طويلة مثل المسرحي نبيل متوكل السر محجوب.. مكي سنادة ورابحة محمد عبد الله والقائمة تطول ومن تلك الأسماء التقينا بالأستاذة فائزة عمسيب التي فسرت توقف نشاطها المسرحي منذ سنوات بقولها: «لا توجد أعمال مناسبة لأقدمها أو أشارك فيها لذلك كان غيابي عن العمل المسرحي», ويذكر أن آخر مسرحية قدمتها الممثلة القديرة فائزة عمسيب كانت في العام 2004م وهي مسرحية (نقابة المطلقات).. الدولة تركت المسرح أحد الأسماء التي لمع نجمها في فضاءات العمل المسرحي في سنوات ماضية.. اختفى عن التواجد في العديد من الأعمال وأضحى لا يظهر إلى بصوته عبر أثير الإذاعة أو من خلال المسلسلات والأفلام الدرامية التي يتم أحيانا عرضها بالقنوات الفضائية السودانية هو المسرحي الشاب غدير ميرغني الذي تحدث إلينا قائلا: في السابق كانت الدولة هي التي تنتج العمل المسرحي وكان الممثل يجد التقييم بصورة جيدة, وأضاف «حاليا الدولة تركت المسرح ولا توفر مسارح والمسرح القومي غير جاهز وكل المجهودات اصبحت شخصية ومع الضرائب المفروضة علينا أضحت المسألة مكلفة جدا.. والشيء الآخر أن المسرح القومي موقعه سيء ومحاط بالدبابات لذلك لا يمكن الوصول إليه».. وأشار غدير إلى أن كل تلك الاسباب وغيرها جعلتهم يتوقفون عن نشاطهم المسرحي وقال: «نحن درسنا هذا المجال وكنا نرغب أن نجد ما يجده الأطباء والمهندسون من أجواء وإمكانيات طيبة لنقدم أعمالنا وما درسناه لهذا الشعب ولكن للأسف الدولة تنظر إلينا فقط كمهرجين وأصحاب نكات». رحيل أمين ولم يعاني المسرح من توقف نشاطه فقط بل رحيل عدد من الدراميين والمسرحين من هذه الدنيا أثر كثيرا على الحركة المسرحية والدرامية في البلاد خلال السنوات الماضية.. العام الماضي شهد رحيل بعض الرموز المسرحية مثل الأستاذ السيناريست أمين محمد أحمد صباح الحادي عشر من شهر يونيو بدولة الإمارات العربية المتحدة بعد صراع طويل مع المرض وقد ولد الراحل في الأربعينيات من القرن الماضي قضى طفولته بمدينة ود مدني.. ويعتبر أمين من أبرز كتاب الدراما السودانية وشغل منصب مدير إدارة الدراما بالتلفزيون القومي وله بصمة واضحة في خارطة الفن السوداني... تخرج في الستينيات من جامعة الخرطوم كلية الآداب درس السيناريو في معهد السينما بمصر وكان أول دفعته شارك في الكثير من الإعمال الإذاعية والتلفزيونية من أميز أعماله المسلسل الإذاعي الشهير الهمباتة من تأليفه وإعداده وفي التلفزيون مسلسل سكة الخطر, علي عبد اللطيف, الدلالية, الموريس ماينر عن قصة الراحل عبد المنعم مصطفى عمل محرراً في المجلة الدورية الخاصة ببلدية مدينة ابوظبي إضافة إلى كثير من المساهمات.. كان أمين رمزا من رموز الدراما.. الطاهر يترجل شخصية أخرى أيضاً رحلت خلال العام الماضي وهو الاستاذ الدرامي الطاهر محمد الطاهر الذي كان أول عمل درامي له بالتلفزيون القومي هو فيلم (موت ضيف) للكاتب عبد الحفيظ مريود ووضع السيناريو له الأستاذ عادل الباز وهو من بطولة الطاهر وتم عرضه أوئل التسعينيات من القرن الماضي.. قدم الراحل عدداً من الأعمال الدرامية مع مجموعة من المخرجين منهم الفاتح البدوي وعبادي محجوب, والمخرج حسن كدسة الذي قال عن الراحل «لم يفارقني الطاهر في كل أعمالي التي أخرجتها فقد عملنا معاً في أربعة مسلسلات وخمسة وعشرين فيلماً تقريباً بداية بقصص وبالله شوف مع فرقة نمارق ثم تلى ذلك (مهمة خاصة جدا, العودة إلى الأرض) ومن أشهر الأفلام التي قدمها (الوزير الفنان) حيث كان يجسد فيه دور البطولة وهو الوزير». وقد رحل الطاهر محمد الطاهر بعد أن أنهى تصوير برنامج لقناة الشروق الفضائية برفقة شقيقه أمين محمد طاهر حيث شعر ببعض الألم وطلب من الذين كانوا حوله أن يذهبوا به إلى المستشفى وتوفي هنالك وهو يقرأ بعض من آيات سورة (يس)..