بدعوة عامة من نظارة البني عامر عمودية الجبرت نُظمت ندوة بقاعة الشهيد الزبير محمد صالح للمؤتمرات بعنوان «السودانيون الجبرت»، وذلك في يوم السبت الموافق 24/3/2012م كنا حضوراً فيها لنتعرف على تأريخ الجبرت بالسودان وثقافاتهم المنتشرة وإرثهم التاريخي في منطقة القرن الإفريقي، خاصةً وأنهم لم يكن لهم نشاط اجتماعي وثقافي يذكر في الفترة الماضية، قدمت خلال الندوة عدد من الأوراق من أساتذة أجلاء تناولوا فيها عُدة محاور منها المحور الثقافي والاجتماعي والتاريخي، ولكن حدث كثيراً من اللقط عندما تناولوا الجانب التاريخي وخلطوا ما بين الحلنقة والجبرت خلطأ أخل كثيراً بالعرض وغير مضمون الندوة والتي كنا نعتقد بأنها سنتناول تاريخ الجبرت في السودان. ولكن ما قيل هو تاريخ الحلنقة في السودان دون حذف أو تغيير يذكر سوى أنهم نسبوه لأنفسهم. إن الجبرت مسلمون لا غبار عليها، ولهم الحق في أن يتحدثوا عن أنفسهم كما يشاءون دون التجني على الآخرين، وخاصةً قبيلة الحلنقة ذات التاريخ المعروف والمدون في أهم وأكبر المدونات التاريخية التي أرخت للسودان منذ قديم الزمان. تناول المتحدثون في الندوة علاقة الحلنقة والجبرت وحاولوا إيهام الحضور بأنهم من نسبة واحدة وتاريخ مشترك، وذلك ما توضحه الحقائق التاريخية، ولم نجد في كل كتب التاريخ القديمة ما يؤكد ذلك السند وما زلنا نطالب بأن يأتينا بالشواهد والأدلة التاريخية والوثائقية من تحدث وتبنى هذا الكلام، وكذلك واقع اليوم في قبيلة الحلنقة لا يدعم هذا الاتجاه، فعند رجوعنا الى بطون الحلنقة لم نجد بطناً باسم (الجبرتاب) كما قيل في الندوة. فالمعروف أن التاريخ هو دراسة علمية مجردة لا تحتمل العواطف والمجاملات والمحاباة وليس هو كلام يقال على عواهنه ولا أحاديث تتبادل في المجالس، إنما هو عرض للحقائق والوقائع كما هي دون تعديل أو حذف. وتناولت الندوة أيضاً أعلام الحلنقة وخبرائهم ونسبتهم للجبرت مما أثار غضبة أسرهم وأحفادهم، فالناظر محمد إيلا هو جد الناظر الحالي مراد جعفر شكيلاي وعوض مسمار، وكذلك الشاعر الوطني محمود أبوبكر، والشيخ العارف بالله محمد أحمد الخواض والقراي وأحفادهم في منطقتي ديم القراي وطيبة الخواض. وهل يعلم المتحدثون أن أُسر رموز وخبراء الحلنقة الذين ذكروا في الندوة موجودون الآن بيننا، ويحفظون نسبهم جيدا، ولهم شجرة يتفرع منها الآباء والأجداد وتتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل ويحفظونها عن ظهر قلب وليس في ذلك تهاون. إن قبيلة الحلنقة معروفة منذ تاريخ السودان القديم ولها في ذلك مراجع ووثائق تؤكد نسبها وعلاقاتها الاجتماعية مع سائر قبائل شرق السودان، ولمعرفة ذلك يمكن الاطلاع على كتاب تاريخ مملكة الحلنقة في التاكا لمؤلفه الأستاذ المرحوم عثمان أحمد عيسى والذي أكد فيه دخول الحلنقة الى السودان من الجزيرة العربية قبل أكثر من ألف عام، وهي القبيلة الوحيدة التي ذكرها المؤرخون العرب القدماء باسمها في شرق السودان. كل هذا جعلنا نتساءل: ما هو الغرض من قيام هذه الندوة؟ هل لتناول تاريخ الجبرت في السودان؟ أم لتناول تأريخ الحلنقة أم لتوضيح علاقة غير موثقة ولم تلقَّ حظاً من التدوين اصلا. والجدير بالذكر أيضاً أن الندوة جاءت بعنوان نظارة البني عامر عمودية الجبرت، ولكنها لم تتناول ماهية العلاقة بين الجبرت والبني عامر كعمودية تتبع لها. والمعروف أن العموديات في النظام الأهلي تتبع للنظارة الأم ولها مكونات عقد اجتماعي وثقافي مشترك. وأخيراً ما دفعنا لتناول هذا الموضوع، ردة الفعل الكبيرة وعدم الرضى التي أثارتها الندوة في أوساط قبيلة الحلنقة بقياداتهم الأهلية وروابطهم الاجتماعية والثقافية والطلابية ولما تناولته الندوة من أحاديث ومناقشات كانت بعيدة عن المنهجية العلمية والسرد التاريخي الموثق، خاصة عندما تحدثت عن الحلنقة وكانت أقرب للعاطفة والمجاملة. ونسأل الله أن يهدي الجميع لما فيه الخير. * رابطة أبناء منطقة الحلنقة بالخرطوم.