تابع كل السودانيين الأزمة التي نشبت في وزارة الإعلام بين الوزير السابق مسار ووزيرة الدولة السابقة سناء حمد بسبب الأستاذ عوض جادين. وكذلك الكل يعلم مآلات تلك القضية التي تدخل لحلها رئيس الجمهورية بقبول استقالة مسار وإعفاء سناء، وبعد تعيين وزير الإعلام الجديد غازي الصادق كتب كل من الأستاذ الهندي عزالدين رئيس مجلس إدارة (صحيفة المجهر السياسي) والأستاذ عبد الماجد عبد الحميد رئيس تحرير صحيفة (الأهرام اليوم) يوم الأربعاء 2 مايو 2012م بأن تعيين حسبو محمد عبد الرحمن وزيراً للسياحة بأنه امتداد لمشاركة الرزيقات في الحكومة. وقد كتب الهندي بالنص: (ببساطة لأنه من أبناء الرزيقات وقد فقدت القبيلة وفقد المؤتمر الوطني وزيراً من ذات القبيلة باستقالة مسار). هذا الكلام يكون مقبولاً إذا حملت قبيلة الرزيقات الأسلحة وتمردت على الحكومة وجاءت بواحد من أبنائها وزيراً، ولكن هذا لم يحدث لأنه - وببساطة - يا الهندي مسار له حزب مسجل ومشارك منذ حكومة الوحدة الوطنية وحتى الحكومة العريضة ولم يدخل التشكيل الوزاري لأنه تقوَّى بأهله أو هدد بدخول الغابة التي أصبحت أسرع وسيلة لدخول القصر ولكنه دخل نتيجة لتفاهمات بين حزبه والمؤتمر الوطني. كما إن الرزيقات لم يرسلوا وفوداً لمقابلة رئيس الجمهورية حتى يعيد مسار وزيراً للإعلام أو لغيره من المناصب الوزارية أو تعيين واحد من أبناء القبيلة في منصب وزير حتى تقول ذلك الكلام. وأضاف الهندي بأن: (الماعندو قبيلة في المؤتمر الوطني ينجلد في بطنو). وهذه مشكلة المؤتمر الوطني وليس مشكلة الرزيقات فإن كان الرزيقات يقفون مع أبنائهم لما وقف معك يوسف ماهل يا الهندي في الانتخابات الماضية ضد ابن عمه مسار وعليك الفصل بين الأشياء العامة والخاصة في تناولك للمواضيع إن كان هدفك الإصلاح وليس شيئاً غيره. أما الزميل عبد الماجد عبد الحميد فقال: (مثل وزارة السياحة التي ذهبت قبلاً الى غازي الصادق في إطار موازنة مشاركة المنقسمين من حزب الأمة، وها هي تعود هذه المرة لحسبو محمد عبد الرحمن في إطار الحفاظ على موازنة مشاركة الرزيقات في الحكم بعد خروج مسار)! ولا أدري السبب وراء الزج باسم الرزيقات في هذا اللغط؟ ولا أدري من أين أتى هؤلاء الزملاء بأن تعيين حسبو هو من أجل الحفاظ على مشاركة الرزيقات في الحكومة؟ ولنفترض جدلاً لم يتم تعيين أي شخص رزيقي في هذه الحكومة فهل يعني هذا أن تحمل القبيلة السلاح في وجه الدولة لأنها أقالت مسار؟ أم كان عليها أن تخرج في مسيرات فرح بتعيين حسبو! ونحن نعلم بأن هذه الوظائف زائلة ولن تدوم لأحد. وحتى مسار وحسبو ليسوا هم بالقيادات القبلية ذات التأثير الكبير داخل القبيلة والإدارات الأهلية إنما اشتهروا بالعمل السياسى، فإن كان الأمر مربوط بالقبيلة لأحتج أهل القبيلة لماذا لم يتم اختيار الناظر سعيد مادبو من ضمن وزراء الحكومة العريضة أو لماذا خرج موسى هلال... وغيرهم كثر يمكن أن يشغلوا أي منصب وبكفاءة عالية. فالرزيقات يعرفون واجبهم جيداً وليسوا هم من يشق صف الجماعة ولم نسمع يوماً أن الجعليين أو الشايقية قد ثاروا أو ضجوا لأن واحداً من أبنائهم قد تم إعفاءه أو استقال من منصبه، كما إننا لم نقرأ يوماً أن المحس قد حملوا السلاح لعدم تمثيلهم في الحكومة، وما نرجوه هو عدم إخراج المواضيع عن سياقها حتى لا تحدث الفتن وتحميلها ما لا تحتمل. وتعيين حسبو فهو أمر يرجع الى الحزب الذي عينّه وليس الهندي وعبد الماجد حتى يفتوا بأنه ضمان لمشاركة الرزيقات، وكنت أتمنى لو تناول الزميلان موقف الرزيقات من التمرد ودعمهم لكل الاتفاقيات التي تمت في دارفور وكل السودان حتى ينعم إنسان السودان بالاستقرار والتنمية في كل مناحيها وكيف دافعوا عن وطنهم وأهلهم ولم يهتموا بالفتات.. فلو أراد الرزيقات المشاركة في أي حكومة عبر منطق اليوم (تمرد حارب ثم كن وزيراً) لفعلوا ولكنهم لم يريدوا الارتقاء للمناصب عبر جثث ودماء وأشلاء الآخرين. ومن هنا أناشد السيد رئيس الجمهورية إن كان تعيين حسبو وفقاً لانتمائه القبلي نرجو إقالته اليوم قبل الغد، أما إن كان بناءً على مقدراته وكفاءته فهو واحد من أبناء السودان وله الحق في تبوء أي منصب مادام مسلحاً بعلمه وخبرته. فإخراج الأشياء عن إطارها الموضوعي يؤدي الى التأويلات والتكهنات فلم نسمع أو نقرأ للهندي وعبد الماجد أنهما قد كتبا شيئاً عن القبيلة عندما تم إعفاء الفريق عبد الرحيم محمد حسين من وزارة الداخلية ثم تعيينه وزيراً للدفاع؟ إن ذلك يمثل استرداداً أو حفظاً لحق المحس في المشاركة في الحكومة، وكذلك عندما تم إعفاء وزير الإرشاد والأوقاف لم يتطرق الأخوة الى القبيلة، والسؤال البديهي لماذا ظهرت القبيلة عندما استقال مسار وتم تعيين حسبو ونحن ننتظر الإجابة من الأخوين عبد الماجد والهندي؟ والمواقع الوزارية يتغير الشخص فيها وفقاً لمقتضيات الحال وليس لها ارتباط بالقبيلة أو الجهة، فالمواطن العادي لا يهمه من يكون الوزير أو الغفير وما هي قبيلته أو جنسه أو جهته ولكن يهمه من يلبي حاجاته ويكون قريباً منه يجده وقتما احتاج اليه.. يسعد لسعادتهم ويحزن لحزنهم، ولا يهتم المواطن بالوزير وإن كان من قريش نفسها ولم يقدم شيئاً للمواطن مما يوفر له الحياة الكريمة، فمعيار المواطن والقدرة على تلبية حاجاته وإشباع ميوله واتجاهاته هو الذي يجب أن يسود في اختيار الوزراء والمسؤولين وليس القبيلة، فنرجو من الجميع أن يكون الإصلاح هو الهدف بعيداً عن إثارة أشياء لا تسمن ولا تغني من جوع، وإن كان الأمر كما يعتقد الاخوة فلماذا لا يتم تعيين رزيقي وزيراً للإعلام بديلاً لمسار أم هم غير مؤهلين وغير جديرين بتولي المناصب الوزارية؟ وهل هم الرزيقات هو الحصول على وزارة والسلام؟ لا والله لم يكونوا كذلك ولن يكونوا في يوم من الأيام من أولئك الذين يسعون الى الوزارات بشتى الطرق المشروعة وغير المشروعة، ولذلك فإن الرزيقات لا يمكن اختزالهم في مسار أو حسبو أو كاشا أو موسى هلال أو غيرهم، فهؤلاء أفراد غداً سوف يغادرون كراسي السلطة وتبقى قبيلة الرزيقات تاريخاً يمشي بين الناس ما بقيَ الزمان. والله المستعان