عدد من الصبية يعملون في جمع الخرد يعرفون ب (السريحة) ورغم اختلاف اعمارهم الا أنهم يتفقون على وسيلة نقل واحدة وهي عربة (الكارو) التي لها القدرة على حمل أكبر كمية منها. وتتنقل هذه الشريحة في شكل مجموعات يجوبون الأحياء التي تعتبر المصدر الاساسي للخرد حيث يهمون بجمع كل ما تقع عينهم عليه من حديد , المونيوم , نحاس , أخشاب , سلوك , أدوات قديمة وغيرها من الامتعة المنزلية.. وتتبع كل مجموعة منهم إلى صاحب محل معين يتجمعون عنده في المساء لوزن ما جمعوه في النهار ثم قبض ثمنه نقدا بالجنيه , وهذه المبالغ يدفعها تاجر الخرد (كفيل السريحة) ..ومع أن العملية برمتها تبدو هامشية للبعض الا أنها تلعب دورا كبيرا في رعاية الأسر من الجانبين (البائع والمشتري) , ففي الوقت الذي تتخلص فيه بعض العائلات من الخرد والامتعة المنزلية المنتهية الصلاحية والخربة ب (قروش) يستفيد المشتري لأن ما يبيعه بملاليم يتحول إلى مبالغ كبيرة عند أصحاب المصانع ..والغريب في تجارة الخرد أنها في السابق يتم رميها في مكبات النفيات ابتداء من أدوات المطابخ وانتهائ بالسراير وغيرها من الاشياء التي تعتبر غير مفيدة , الا انه وفي الفترة الاخيرة تغيرت الفكرة بفضل تجار الخردة والصبية السريحة باعتبارها نوعا جديدا من انواع التجارة وهي حصريا على (الأطفال والصبية) .. وعند الصباح تجد السريحة وهم على الكارو يصيحون داخل الاحياء والمناطق السكنية (خرد خرد) , وما ان تسمع الاسر والعائلات هذا الصوت حتى يخرجون كل مافي جوف البيت من أدوات خربة ومنتهية الصلاحية ويقدمونها إلى الصبية الذين يثمنون قيمتها وفقا لوزن وثقل (الخرد) , ولم يتوقف البائعون في الاسعار كثيرا لأنهم يريدون التخلص من الفائض بأي شكل وبأي ثمن ....ان كان التجوال داخل الاحياء مشهد أول فإن المشهد الثاني يكون داخل احد الاسواق الشعبية بأمدرمان حيث لاتجد صعوبة في مشاهدة عدد من عربات الكارو تقف في صفوف تحمل الجوالات مليئة بالخرد والاواني الفارغة التي يبدو انها قد انتشلت من أحد مكبات النفايات ويتجمهر حولها عدد من الصبيا بمختلف أعمارهم منهم منصور آدم صبي في الرابعة عشرة من العمر منهمكا في عد ما جمعه من الاحياء من قوارير إلى جانب حديد وغيرها في بادئ الامر رفض الحديث الا ان شقيقه الذي عرف نفسه بخالد أقنعه بالحديث فابتدر منصور حديثه قائلا: انني اعمل في مجال جمع الخرد منذ عامين ودائما ما اعمل بعد انتهاء العام الدراسي، وأضاف: أول مكان بدأت منه جمع الخرد هو منزلنا وهي عبارة عن كراسي وحبال بلاستيك قديمة وبعتها بخمسة جنيهات خاصة وان السوق يقرب من منزلنا وأعرف صاحب المحل ..اما خالد فقال : ان تجارة جمع الخرة تعد تجارة مربحة ورائجة وكل رأس مالها البحث في المكبات إلى جانب البيوت ونجني يوميا ربحا ما بين 20 إلى 25 جنيها ونقم ببيع الكيلو بجنيه وقال خالد أنا استفدت كثيرا من تجارة الخرد بشراء مستلزماتي المدرسية الى جانب إعطاء والدتي ال (الله قسمو ليها من القروش).. تركت منصور وخالد واتجهت إلى صاحب المحل ويدعى سليمان بابكر كان منهمكا في وزن وارد الخرد المكوم أمامه من قطع بلاستيك وحديد حيث قال: أنا أعمل منذ فترة فى هذا المكان، وبشتري (كل شي) تالف ، ولدى «سريحة» يجوبون الأحياء لجمع الحديد الخردة والادوات المنزلية القديمة من المواطنية إلى جانب القوارير الفارغة . وأضاف بابكر أقوم بشراء الكيلو من السريحة بسعر واحد جنيه ، وعندما تتجمع لديه كمية كبيرة أقوم ببيعها للموردين على حسب مطلبهم فهنالك عدد من المصانع تقوم بإعادة تصنيعها مرة أخرى للاستفادة منها .. أكد سليمان ان تجارة الخرد مربحة ولاتحتاج إلى عناء سواء جمعها ودفع إيجار الدكان. وقال ان اكثر الناس يهتمون ببيع الخرد من منازلهم هم النساء إلى جانب الأولاد وقال (نحنا نضفنا البيوت من الكرور). أما الهادي الامين الذي يعمل في مجال الخردة قال: إن بيع الخردة هو مصدر رزقه، حيث نقوم بشراء كل أنواع الحديد والنحاس الأصفر والاحمر، الى جانب البلاستيك بمختلف أنواعه. واعتقد ان للخردة سوقا رائجا، خاصة أن هنالك مقتنيات بحالة شبه جيّدة أو مستخدمة استخداماً خفيفاً، وغالباً ما يقوم محدودو الدخل بشرائها نظراً لانخفاض سعرها.