على الرغم من أن الموت هو الحقيقة الوحيدة في هذه الدنيا، وأن الإنسان منذ مولده هو في انتظار ملك الموت الذي قيل إنه ينظر إلى كل منا في اليوم الواحد 360 مرة، إلا أننا لا نعطيه اهتماماً كبيراً وكأننا خالدين فيها أبدا، فكل بن آدم (يتفاجأ) بالموت على الرغم من أنه آتينا ولو كنا في بروج مشيدة كما بين لنا ذلك الحق سبحانه وتعالى، لذا يكون وقع مصيبة الموت علينا عظيما، بل ويصل الأمر بالبعض للدخول في غيبوبة، والسبب في كل هذا أننا (نحزن) لموت عزيز لنا، لكنا لا نتعظ من موته بالرغم من أن الواحد الأحد قال كفى بالموت واعظا، إلا أننا نترك العظة ونعيش الحزن فلا الذي ذهب خالد ولا انا وانت كذلك، فكلنا راحلون عن دار البوار، وسبب المقدمة الطويلة هذه هي الفواجع التي المت بنا منذ رحيل العندليب الأسمر زيدان إبراهيم، ثم الأمين عبدالغفار، ثم محمد وردي، ثم محمد الحسن سالم حميد، ثم نادر خضر وصحبه، وكل هؤلاء تعددت أسباب موتهم إلا أن الحزن عليهم واحد وكبير جداً فالعين دمعت، والقلب انفطر لرحيلهم إلا أننا لا نقول إلا ما يرضي الله سبحانه وتعالى الذي إليه راجعون، فأين العظة من رحيلهم، لا أحد يتذكر –إلا من رحم ربي- أنك من بعدهم محمول مهما طال بك العمر، وسترى خيراً أو شراً من مثقال ذرة عملتها، فما بالك ب(ديون) حال عليها (أحوال) وليس حول واحد، ولم تتكرم حتى بالاعتذار لأصحابها عن عدم الايفاء بها، بل وتنام ملء جفونك على الرغم من أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل ذات مرة قبل أن يصلي على أحد الموتى هل عليه دين؟!، وعندما اجابوه ب(نعم) قال صلوا على صاحبكم، وكلنا نعلم أن المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، وهو قدوة كل مسلم علمنا كيف نأكل، وكيف ننام، وكيف نخرج للخلاء، وبين لنا علامات المنافق الذي إذا تحدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا عاهد غدر، ف(حل دينك) قبل أن (تطلع عينك) في الدنيا قبل الآخرة، ولن يكون معك هناك من (يكذب) بدلاً عنك فمثل هذا سيكون شاهداً عليك، وسيخاطب الحق تبارك وتعالى أن آتيه ضعفين من العذاب والعنه لعناً كثيرا، فما أسوأ أن تحمل اسم واحداً من اعظم صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام وانت مثل الدخان يرتفع في الجو وهو وضيع، نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرحم موتانا وموتى المسلمين، ويرحمنا إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!.