تواجه المشاريع الزراعية في كل من ولايات الشمالية ونهر النيل وخاصة النيل الأبيض مشاكل وتحديات كبيرة تنذر بالفشل المبكر للموسم الزراعي نسبة لرفع الدعم عن الوقود الذي أدى الى ارتفاع كافة مدخلات الإنتاج الزراعي بصورة كبيرة تصل الى اكثر من 80%. ولعل أكبر خطأ ارتكبته الحكومة - خاصة فيما يتعلق بالجانب الزراعي – هو أنها لن تفي بما التزمت به في كهربة المشاريع الزراعي التي كان من المقرر أن يخفض من الضغط على الجازولين وبالتالي يقلل مكن تكلفة الإنتاج إلا أن عدم كهربة المشاريع وما صاحبه من رفع الدعم عن الجازولين جعلت الزراعة تكاد أن تكون مستحيلة بتلك الولايات وأصبحت طاردة، وبالتالي تكون الدولة قد هدمت برنامجها الثلاثي القاضي بزيادة الإنتاج والإنتاجية، فما من عاقل يمكن أن يجازف ويدخل في الموسم الزراعي أمام تلك التحديات الصعبة والكل عازم على عدم الدخول في الزراعة فيما ذهب البعض الى تقليص المساحات من 100% الى ما بين (1015)%، فكل الشواهد تشير الى أن الموسم الزراعي في مهب الريح خاصة وأن الزيادات في أسعار الجازولين أدت الى نتائج سالبة ستلقي بظلالها على الموسم حيث ارتفعت أسعار التقاوى والأسمدة وقطع الغيار فكل المزارعين بالولايات رسموا صورة قاتمة لمسقبل الزراعة والموسم الزراعي الحالي تحديداً بالرغم من أن هنالك بشريات كبيرة متمثلة في هطول الامطار بكميات معتبر وفي وقت مبكر بعكس هذا التوقيت من العام السابق. وقطع رئيس اتحاد مزارعي الشمالية بابكر محمد الحاج بأن الوضع الزراعي في الولاية تعاني ما تعاني من مشاكل قبل زيادة أسعار الوقود وأنه بعد الزيادة أصبح الأمر في غاية الصعوبة وينذر بفشل الزراعة حيث أصبحت الزراعة طاردة، وأكد بابكر في حديثه أمس ل(الأحداث) أن المزارعين كانوا على عشم من أن تكمل الدولة تكملة كهربة المشاريع الزراعية بالولاية إلا أنهم اصطدموا بالواقع المحبط حيث لن يتم كهربة المشاريع الزراعية بالولاية التي حتماً كان سيكون لها مردود اقتصادي على الولاية وعلى كل السودان، مبيناً أن جملة المشاريع الزراعية بالولاية تقدر بنحو (21) ألف مشروع وما تمت كهربته حتى الآن لن يتجاوز ال(1400) مشروع بمعنى أن المتبقي أكثر من (19) الف مشروع، وزاد هذا لا يقل وأن الأغلبية من المشاريع لم تكهرب ما يعني أنها لن تستطيع الدخول في الموسم الزراعي في ظل ارتفاع أسعار الجازولين الذي وصل سعره لأكثر من (400) جنيه، مؤكداً على أن زيادة أسعار الوقود له تأثيرات وانعكاسات سلبية وستؤثر بدرجة كبيرة على مستقبل الزراعة وعلى أداء الاقتصاد. وانتقد بابكر سياسات الدولة الزراعية ووصفها بالمقلوبة بحيث أنها تدعم استيراد القمح وفي ذات الوقت لا تهتم بالزراعة الداخلية، وأردف قائلاً بدلاً من دعم استيراد القمح كان الأولى كهربة المشاريع الزراعية». ونفى أن يكون هنالك اتجاه في الوقت الحالي لدعم الجازولين للقطاع الزراعي لكنه شدد على ضرورة أن تكون الدولة جادة في الكهربة، وقطع بأنه الحل الجذري والمخرج الوحيد. وكشف عن أنهم علموا بأن هنالك قرضاً بقيمة (50) مليون دولار من بنك التنمية الاماراتي لعمل خطوط الضغط المتوسط والمحولات لكهربة المشاريع بالولاية الشمالية لكننا نسمع جعجعة ولا نرى طحينا، مؤكداً على أن المقرض في حال وصوله وتوظيفه للكهربة سيكون له آثار إيجابية كبيرة، وأعلن أن الاستعداد للموسم الزراعي محبط وأن الكل يضع يده على رأسه من الحيرة وعدم التدبير ولما سيؤول اليه الحال. وفي ذات الاتجاه كان لمزارعي نهر النيل ذات الإحساس والشعور بالإحباط من زيادة أسعار الوقود مع عدم كهربة المشاريع الزراعية إلا أن رئيس اتحاد مزارعي نهر النيل الأستاذ عمر الجلال أطلق بشريات من خلال ما وعد به النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه الذي يزور الولاية هذه الأيام؛ حيث وعد بأنه بعد رجوعه من الولاية للمركز سينشئ محفظة لكهربة المشاريع الزراعية بنهر النيل أسوة بالولاية الشمالية ومن ثم الانتقال الى النيل الأبيض ما اعتبره الجلال سيسهم كثيراً في تقليل تكلفة الإنتاج، إلا أن الوعود في كثير من الحالات قد لا تتم وعليه فإن الموسم الزراعي الحالي مهدد بارتفاع أسعار الجازولين الذي انعكس على كافة مدخلات الإنتاج بالولاية، وأكد الجلال ل(الأحداث) بأن زيادة أسعار المحروقات انعكست سلباً على المزارعين بالإضافة الى الضائقة المالية التي تمر بها البلاد فضلاً عن انفصال الجنوب واندلاع الحرب في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، مؤكداً على الأثر المباشر للمحروقات على الزراعة، مشيراً الى ارتفاع سعر برميل الجازولين من (295) الى (362) جنيهاً بواقع (80) على البرميل، وقطع الجلال بأن زيادة أسعار الوقود أدت الى زيادة أسعار كافة المدخلات من معدات ووابورات، وقطع بأكثر من 60% من سعرها ما يؤكد على أن الأثر كبير وسيؤدي الى تقليص نسبة المساحات المزروعة من 100% الى (15 10 %) والتي تحتاج الى تمويل ومبالغ ضخمة، مبيناً أن ارتفاع سعر تحضير الأرض قفز من (20) الى ما بين (70 100) جنيه للفدان، فيما ارتفع سعر جالون زيت الغيار للوابور من (15) الى (80) جنيها، مبيناً أنه في ظل تلك التحديات تصبح وعود النائب الأول بقيام محفظة لكهربة المشاريع بالولاية هو المخرج الوحيد ويؤدي الى زيادة الإنتاج والتوسع في المساحات المزروعة. فيما تعتبر ولاية النيل الأبيض من أكبر الولايات المستهلكة للجازولين في الولاية ولن يتم فيها كهربة المشيع الزراعية بعد أن يهدد الموسم الزراعي بالفشل بعد الزيادات الأخيرة في الوقود الذي أدى الى ارتفاع كافة أسعار مدخلات الإنتاج الزراعي. وفي الاتجاه أكد ممثل اتحاد مزارعي القضارف حسن زروق بأنه بدون زيادة أسعار الوقود هو غير مستقر وأن الزيادة زادت الطين بلة بحسب تعبيره، وقال زروق ل(الأحداث) بأن الزيادات قادت الى زيادة أي سلعة، وأعلن عن ارتفاع حاد في مدخلات الإنتاج فضلاً عن ندرة حادة في تقاوي زهرة الشمس والسمسم. وكشف زروق عن أن الولاية طبقت رسوماً كبيرة على المشاريع الزراعية الكبيرة حيث طبقت في بعض المشاريع بأثر رجعي، لافتاً الى عدم مقدرة المزارعين على تحضير الأراضي للموسم الزراعي رغم أن معدلات الأمطار مبشرة.