ارتفع عدد الطلاب السودانيين بالعاصمة الماليزية كوالالمبور وبقية الجامعات في الولايات المجاورة خلال سنتين فقط من (600) إلى ما يزيد عن (3) آلاف طالب بالإضافة إلى عدد من السودانيين المقيمين بالعاصمة لأسباب متفاوتة تنحصر أغلبها في البحث العلمي والدراسات العليا، ومعظمهم من المبعوثين للحصول على الدكتوراه في إطار برامج التبادل وبروتوكولات التعاون بين الجامعات السودانية ونظيراتها الماليزية، كما تحتشد ماليزيا بعدد من رجال المال الذين أنشأوا أعمالاً تجارية بهذا البلد الذي يرقد في أحضان الجمال والطبيعة، وينطوي على بنيات تحتية قوية، ويرتكز على اقتصاد قوي أسهم في تغيير حياة المواطنين. هذا العدد الكبير من السودانيين بماليزيا لم يزعج السفارة، بل عملت على التواصل مع كل الفئات بما حقق التناغم، وأعاد تشكيل الأسرة السودانية في أقاصي الشرق الأدنى. (الأهرام اليوم) جلست إلى السفير السوداني بكوالالمبور الأستاذ نادر يوسف الطيب تقلب معه في دفاتر الحضور السوداني بالشرق الآسيوي فماذا قال؟ بدءاً كيف تتفاعل السفارة مع أنشطة الجالية؟ وهل من معاملة خاصة للطلاب؟ - نحمد الله أننا وفقنا في التعامل مع العدد المتزايد من السودانيين وخصصنا برامج خاصة وأساليب للتعامل مع الطلاب بعيداً عن الديوانية والروتين والدور الرسمي، حتى لا نخلق حاجزاً بين أعضاء الجالية والسفارة، واخترنا أن يكون التعامل عفوياً، والتواصل حميمياً بيننا جميعاً، لأننا في الأصل خدَّام لهذه الشريحة، ونحن نمثل الحكومة، ودورنا رعاية مصالح أبناء السودان والجالية وحمايتهم والاهتمام بأنشطتهم وحياتهم والعمل على تذليل كل الصعاب التي تعترض التحصيل والمعرفة أو أي مجالات أخرى. هل تعانون من سلوك بعض الطلاب نظراً لاختلاف البيئة والتنشئة ما بين ماليزيا والدول القادمين منها، سواء أكانت من الخليج أو غيره؟ - لا شك أن وجود هذا العدد الكبير من الطلاب لا بد أن يفرز بعض المشاكل والانحرافات السلوكية، ولكنها قليلة ومحدودة، لأن الفطرة السودانية السليمة والتنشئة الصالحة غرست القيم التي ننادي بها في نفوس الطلاب، وقد لفت نظرنا في المشاركات الثقافية المختلفة اعتداد الطلاب بسودانيتهم وفخرهم بالانتماء للوطن من خلال اختيار الأنشطة التي تعكس تنوع الموروثات الثقافية وتعدد المنابع وعكسها في المنافسة مع الجمعيات والجاليات الأخرى، وقد أحرز السودان المرتبة الأولى في إحدى مسابقات الأنشطة الثقافية وهذا نابع من اعتزاز الطالب بوطنه وتقديمه الفلكلور السوداني بصورة متميزة تعكس ثراء الثقافة السودانية وتجذرها. في كثير من البلاد بالخارج نلاحظ وجود جفوة بين السفارة والجالية، هل واجهتكم مثل هذه الإشكالات؟ - نحمد الله أن لنا جالية نشطة تقوم بدورها كدبلوماسية شعبية أسهمت كثيراً في تجسير المسافة بين السفارة والمواطنين، وأزالت المفهوم الذي وصل به البعض إلى ماليزيا، وكانت دهشة الكثيرين كبيرة لسرعة التجانس والتواصل والتناغم بين السفارة وأفراد الجالية، بل ظلت مكاتب السفارة تحتضن الأنشطة المختلفة للجالية والاجتماعات. هل نظمتم أنشطة مشتركة مع الجالية وأسهم فيها الطلاب؟ - كثيرة ومتنوعة، وقد احتفلنا بعيد الاستقلال، وكان عبارة عن لوحة وفاء للوطن جسدت التماسك والوحدة والترابط الاجتماعي والوطني والاعتزاز بالتراب، واستضفنا بالتعاون مع الجالية عشرات الأنشطة الدعوية والوطنية وأقمنا عدداً من الندوات حول الأوضاع السياسية وبمشاركة وزراء من الحكومة السودانية. كما نظم المجلس الاستشاري للسفارة عدة برامج تنويرية للطلاب الجدد، ولعل قيام واستمرار ونجاح الدورة الرياضية الأولى التي تنظمها الجالية تحت إشراف السفارة أبلغ دليل على الانسجام بين السفارة والجالية السودانية، وقد لاحظتم النجاح في الترتيب والإخراج والتنظيم والبرمجة وجدولة المباريات وقبول الطعون والشكاوى، ولا بد من الإشادة بأداء اللجنة الرياضية التي أخرجت عرس الختام في هذا الثوب القشيب الذي أذهل الجاليات الأخرى، فقد شاهدنا كيف حرص الجميع على حضور الختام الذي جاء مبهراً وخلاقاً يؤكد قدرة السوداني على إدراك النجاح متى توحدت الإرادة وتماسكت العزائم واتفقت الرؤى. ولكن علمنا أن هناك بعض التململ من قرارات اللجنة الرياضية ما ألقى بظلاله واتهاماته على القنصلية؟ - كما أسلفت هذا شأن رياضي بحت تركناه لتقديرات اللجنة الرياضية التي وضعت اللائحة المنظمة باتفاق لجان الجامعات المختلفة وهي التي طبقت النصوص وظللنا نتابع هذا الأمر عن كثب ولم يخرج عن السيطرة بعد أن تقبلت كل الأطراف القرارات التي صدرت وشاركت جميعها في الختام وخرج الجميع في قمة السعادة والفرح. دعنا نطرح السؤال الصعب، هل تستطيع السفارة السيطرة على سلوك الطلاب والجالية على اختلاف المفاهيم والاهتمامات بقوة السلطة أم بالحوار وبالمنطق؟ - دعنا نؤكد أولاً أننا مسؤولون عن صحة وسلامة وأمن كل أفراد الجالية ونسعى بكل ما نملك لتسخير كافة الإمكانيات المتوفرة لجهة طمأنة الجالية والطلاب والعمل على تذليل كل الصعاب، لسنا رقيبين على السلوك الشخصي للأفراد طالما أن هناك مساحات للحرية ولكننا نتدخل في الوقت المناسب ونقوم بالواجب لحماية الطلاب تحديداً، وللأمانة نجد تعاوناً كاملاً من الطلاب بل وإسهاماً مقدراً في أنشطة السفارة كما نلمس وعيهم الكامل برسالتهم ودورهم والمهمة التي وصلوا لأجلها ولتحقيقها. هل لسفارتكم تواصل مباشر مع الطلاب بجامعاتهم وسكناهم؟ - العلاقة ممتدة ومتواصلة وقد شاركنا طلابنا في العديد من الأنشطة الثقافية والفنية، ولم تتخلف السفارة عن أي نشاط بالجامعات حتى المنافسات نشارك في حضورها، نسهم في تكريم طلابنا الذين ظلوا على الدوام يحرزون المراكز الأولى من خلال التحصيل الأكاديمي، وحتى الفني. وهناك عدد من الطلاب السودانيين أحرزوا درجات عالية وتلقوا عروضاً من جامعاتهم للبقاء فيها كمساعدين للتدريس مع منح للدراسات العليا، كما فاز طلابنا بالعديد من الكؤوس والدروع في أنشطة ثقافية وفنية ومسرحيات وفلكلور وشاركنا فيها على المستوى الرسمي، كما ظللنا سنويا نقيم الإفطارات الرمضانية ونتناولها مع طلابنا بجامعاتهم وداخلياتهم، علماً بأن طلابنا موزعون على أكثر من 18 جامعة. إذن، تقييمك للناتج العام للدورة؟ - دعنا أولاً نشكر هذه الشركة العملاقة التي دعمت مشروع الدورة ونحمد الله أنها اختتمت كأفضل ما يكون الختام وإذا كان شعار (زين) هو التواصل فقد جسدت ذلك فعلاً بربطها الطلاب مع بعضهم البعض وتحقيق التقارب والتعايش خلال شهر كامل قبل أن يلتئم شمل التواصل بعرس الختام الذي شهده وفد من الخرطوم لتقريب المسافة بين السودان وماليزيا ولتحقيق واحد من أعظم شعارات الدورة وهو شعب واحد وطن واحد وقد شهدتم تلاقح ووجود كل القبائل السودانية بفرق البطولة كأجمل ما تكون لوحات الوحدة والتمازج بين الشمال والجنوب، نسجل شكرنا وعرفاننا لشركة (زين) ومشاركة الأخوين إبراهيم الحسن وأمين عبد اللطيف ونرجو أن يتواصل التعاون بيننا لإنجاح الدورة القادمة. يقبل السودان على استحقاق كبير هو الاستفتاء على تقرير المصير، ما هي رؤية السفارة لتعزيز الوحدة وجذب الاهتمام للمشروع القادم؟ - السفارة لا تنفصل عن الهم الوطني العام ونعمل بقوة على تفعيل البرامج التي تدعو إلى أن تكون الوحدة هي خيار السودان وقد نظمنا بالتنسيق مع الجالية سمناراً حول تجربة ماليزيا «الوحدة والتنوع» وكيفية الاستفادة من هذا الأنموذج الماثل، وكما تعلم أننا نقوم برعاية مصالح السودان في أربع دول، نركز جهودنا على الوصول لكل السودانيين خاصة لتعزيز خيار الوحدة ليبقى السودان وطناً واحداً موحداً بشعبه وإنسانه وأرضه وكل خيراته ومكتسباته، ونرجو أن نعض على الوحدة بالنواجذ لإبعاد خطر التمزيق والتشتيت وإضعاف السودان والجنوب تحديداً وعدم الانسياق وراء الدعاوى والأصوات التي ترغب في ضعضعة السودان وتفتيت وحدته.