غداً الخميس الموافق 2 سبتمبر اليوم المنتظر لبدء المفاوضات المباشرة بين السلطة الوطنية والحكومة الإسرائيلية في مقر وزارة الخارجية بالعاصمة الأمريكيةواشنطن. وهناك طرفان يتصارعان منذ عقود على أرض أو وطن يسمى فلسطين، هما الإسرائيليون والفلسطينيون.. وقد مرّ هذا الصراع بعدة مراحل وكانت له أشكال مختلفة منها الحرب ومنها المفاوضات وكان لافتاً أن معظم الحروب التي دارت بين الطرفين كانت أساساً بين إسرائيل والدول العربية.. فقد أصبح الفلسطينيون بعد الحرب الأولى التي نشبت عام 1948م لاجئين ومنذ البداية فإنهم علّقوا كل آمالهم على الجيوش العربية وكانوا واثقين من مقدرتها على استرداد الحق العربي بعودة فلسطين، كل فلسطين إلى أهلها العرب. ثم دخل الفلسطينيون أول يناير 1965م من خلال منظمة فتح مرحلة الكفاح المسلح لكنه كان كفاحاً جرى تحت ظروف صعبة، بل أحياناً كانت هذه الظروف مستحيلة.. ولذلك كان طبيعياً أن هذا الكفاح المسلح الذي كان من أشكاله التسلُّل داخل الأرض المحتلة وتنفيذ بعض العمليات المحدودة، ومنها أيضاً العمليات الانتحارية، واختطاف الطائرات المدنية خلال السبعينيات لم يحرر شبراً واحداً من أرض فلسطين ولكن كانت لذلك الكفاح قيمته المعنوية ثم إنه قوى الاحساس عبر العالم كله بأن هناك قضية.. وأن السلام لا يمكن أن يتحقق بتجاهلها. وكان العالم القوي من الولاياتالمتحدةالأمريكية غرباً مروراً بأوروبا وانتهاءً بالاتحاد السوفيتي شرقاً منذ قيام دولة إسرائيل عام 48 معترفاً بها بل أنهم يعتقدون بعكس الاعتقاد السائد في العالم العربي أن فلسطين أصلاً يهودية. فالمؤكد لديهم هو أن فلسطين هي وطن الشعب اليهودي الذي أقام فيها منذ القرن الثالث عشر قبل الميلاد وكان وجوده في البداية بشكل قبائل ثم اتحدت هذه القبائل لتؤلف الشعب الإسرائيل الذي حكم معظم فلسطين في الفترة من القرن الحادي عشر إلى القرن السادس قبل الميلاد لقد أصبحت لهم هويتهم الوطنية. وفي سنة 168 قبل الميلاد أقاموا دولة يهودية مستقلة حملت اسم (جوديا) وفي سنة 135 قبل الميلاد طرد الرومان اليهود من جوديا. وتقول المصادر الغربية التي هي منحازة تماماً للتفسير الإسرائيلي للتاريخ، ظل اليهود متمسكين بضرورة استعادة سيطرتهم على فلسطين التي هي وطنهم. وفي تسعينيات القرن التاسع عشر طرح الصحافي اليهودي المقيم في النمسا هيرتزل فكرة إعادة إقامة دولة يهودية في فلسطين. ولكن فلسطين هذه المرة لم تكن أرضاً خالية يباباً وإنما كانت مأهولة بشعب ظل مقيماً فيها لأكثر من ألف عام وهو الشعب العربي الفلسطيني. إن الواقع الفلسطيني الإسرائيلي مُثْقل بالمرارات والصراع والدم والتاريخ وبالحقائق والأكاذيب، وسوف يكون غداً في أعمق أعماق المفاوضين الإسرائيلي والفلسطيني هناك في العاصمة الأمريكيةواشنطن.